للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الفصل التاسع

[بروتس]

ولما تسربت أنباء هذه الخطة إلى رومه رحب بعها العامة الذين يحبون المجد، وتلمظ لها رجال الأعمال ذ شموا فيها رائحة الحرب، وتصوروا المطالب تنهال عليهم لصنع العتاد، وتصوروا الولايات تنهب وتتكدس في خزائنهم الأموال. أما الأشراف فرأوا الفناء يحل بهم عند عودة قيصر، ولذلك عقدوا النية على قتله قبل أن يغادر البلاد.

وكان قيصر قد عامل هؤلاء الأشراف معاملة كريمة أطلقت لسان شيشرون بالثناء عليه. وكان قد عفا عن كل من استسلم له من أعدائه، ولم يحكم بالإعدام إلا على عدد قليل من الضباط الذين خانوا عهده فحاربوه بعد أن هزمهم وعفا عنهم. وكان قد أحرق كل الرسائل التي عثر عليها في خيمة بمبي وسبيو من غير أن يقرأها، وأرسل ابنة بمبي وأحفاده الأسرى إلى سكتس ابن بمبي، وكان لا يزال في حرب معه، وأصلح تمثال بمبي وأقامه في موضعه بعد أن طرحه أتباعه على الأرض؛ وعين بروتس وكاسيوس واليين على اثنتين من الولايات، كما عين غيرهما من الأشراف في بعض المناصب العليا، وصبر على كثير من الأذى والمثالب دون أن يشكو أو يتذمر، ولم يتخذ شيئاً من الإجراءات ضد من كان يظن أنهم يأتمرون به ليقتلوه. أما شيشرون الذي طالما لبس لكل حالة لبوسها، وأدار شراعه لكل ريح، فإن قيصر لم يكتف بالعفو عنه بل كرمه ولم يبخل عليه بشيء مما طلبه الخطيب العظيم لنفسه أو لأصدقائه البمبيين، بل نه انصاع لإلحاف شيشرون، فعفا عن ماركس مرسلس وهو الرجل الذي خرج على قيصر ولم يندم على فعله. وقد امتدح شيشرون في خطبة له رنانة عنوانها "إلى مرسلس" (٥٦)