في وسعنا أن نلقى شيئاً من الترتيب والوضوح على هذا الحشد الكبير من الآلهة إذا نحن قسمناه تقسيماً مصطنعاً إلى سبع مجموعات: آلهة السماء، وآلهة الأرض، وآلهة الخصب، والآلهة الحيوانية، وآلهة ما تحت الأرض وآلهة الأسلاف أو الأبطال، والآلهة الأولمبية. وأما "أسمائها جميعاً فمما يشق على الإنسان ذكرها" كما يقول هزيود.
(١) وكان إله الغزاة اليونان في بادئ الأمر، على ما تستطيع أن تتبينه من الأساطير، هو إله السماء العظيم المختلف الصور. ويشبه اليونان في هذا الهنود الفديين. ثم تطور هذا الإله شيئاً فشيئاً حتى أصبح هو أورانوس أو السماء نفسها، ثم أضحى "مرسل السحاب"، مسقط المطر، جامع الرعد، زيوس. وإذ كانت تلك البلاد تنال فوق كفايتها من ضوء الشمس، ولكنها ظمآى للمطر، فإن إله الشمس هليوس لم يكن له فيها شأن كبير ولذلك كان من الآلهة الصغرى. وقد صلى له أجممنون ودعاه لمعونته، وكان الإسبارطيون يضحون له بالخيل لتجر عربته الملتهبة في قبة السماء (١)، وكان أهل رودس حين اصطبغت بلادهم بالصبغة اليونانية يعظمون هليوس، ويعدونه كبير آلهتهم، ويلقون في البحر كل عام أربعة جياد وعربة ليستخدمها في تجواله، وأقاموا الهيكل الضخم الذائع
(١) وطلب فيتون Fhaeton (المتلألئ) ابن هليوس أن يسوق عربة الشمس في عرض السماء. ولكنه اندفع يسوقها بتهور، وكاد يشعل النار في العالم كله فصفعه البرق، وسقط في البحر. ولعل اليونان ساقوا هذه القصة، كما ساقوا قصة إكاروس Icarus، ليعظوا بها الشباب.