توفي دارا الأول في عام ٤٨٥ وخلفه خشيارشاي الأول. وكان الوالد والولد رجلين يمتازان بالمقدرة العالية والثقافة الرفيعة، ولهذا يخطئ من يظن أن الحرب اليونانية الفارسية كانت نزاعاً بين الحضارة والهمجية. وحسبنا دليلاً على هذا تلك الحادثة التي وقعت حين أرسل دارا رسله إلى أثينة وإسبارطة قبل أن يغزو بلاد اليونان، يطلب إليهما أن ترسلا إليه التراب والماء رمزاً لخضوعهما لسلطانه، فما كان من المدينتين كلتيهما إلا أن قتلتا الرسل. وتوالت نذر الشؤم على إسبارطة فخشيت عاقبة فعلتها، وندمت على خرقها التقاليد الدولية المرعية، وطلبت إلى أهلها أن يتقدم منهم اثنان يذهبان إلى فارس وأن يقبلا أي عقاب يفرضه عليهما الملك العظيم ليكفرا به عن غدر مواطنيهما. وتطوع اسبرثياس Sperthias، وبوليس Bulis من أبناء الأسر الغنية القديمة في المدينة، للقيام بهذه المهمة، وسارا إلى خيمة خشيارشاي "أجابهما جواب الشهم الكريم وقال أنه لا يفعل ما فعله اللسدمونيون، حين قتلوا رسله واعتدوا بعملهم هذا القوانين التي يشترك الناس كلهم في التقيد بها. وإذا كان قد لامهم على فعلهم هذا فإنه لا يفعل مثل ما فعلوه ولا يرتكب من الإثم ما ارتكبوه".
وأخذ خشيارشاي يستعد لهجومه الثاني على اليونان استعداداً كاملاً بطيئاً فقضى أربع سنين يحشد الجند ويجمع العتاد والزاد من جميع الولايات الخاضعة لسلطانه؛ ولما أن بدأ الزحف أخيراً في عام ٤٨١ كان جيشه في أغلب الظن