لأربعة هاربسكوردات ومجموعة وتريات (٥٠). وواضح أن باخ أخذ عن فيفالدي وكوريللي البناء الثلاثي لكونشرتاته.
وكاد فيفالدي أن يكون نسياً منسياً طوال التاسع عشر إلا من الدارسين الذين تتبعوا تطور باخ. ثم رده إلى مكان مرموق في ١٩٠٥ أرنولد شيرنج في كتابه "تاريخ الكونسيرات الآلية"؛ وفي عشرينات القرن العشرين دافع أرتورو توسكانيني عن قضية فيفالدي بكل عواطفه ومكانته. واليوم يحتل "القسيس الأحمر" مؤقتاً أرفع مكان بين الملحنين الإيطاليين في القرن الثامن عشر.
[٨ - ذكريات]
من صيف الفن البندق المؤذن بالأفول يبرز نحو اثني عشر مصوراً ويلتمسون أن نذكرهم. ونكتفي هنا بتحية نقرئها حباً مبتستا بيوتي، الذي لم ترفع البندقية فوقه غير تيبولو وبيتا تسيتا، ويأكوبو آميجوني الذي أورث بوشيه أسلوبه الشهواني؛ وجوفاني أنطونيو باللجريني، الذي حمل ألوانه إلى إنجلترا وفرنسا وألمانيا، وهو الذي زين قلعة كمبرلتز، وقلعة هوارد، وبنك فرنسا. وألفت للنظر من هؤلاء ماركو ريتشي لأنه قتل أحد النقاد ثم انتحر. ففي عام ١٦٩٩، حين كان في الثالثة والعشرين، طعن ملاح جندول استخف بصوره طعنات قضت عليه، ثم فرالي دلمماشيا، وأغرم بمشاهدها الطبيعية، وبلغ من حذقه في التقاطها بألوانه أن غفرت له البندقية جريمته وهللت له كأنه تنتوريتو مبعوثاً من جديد. وصحبه عمه سبستيانو ريتشي إلى لندن، حيث تعاون على تصوير مقبرة دوق ويفونشير. وكان ككثيرين من فناني القرنين السابع عشر والثامن عشر يجب أن يرسم الأطلال الحقيقية أو الخيالية ولا ينسى في ذلك نفسه. وفي ١٧٢٩، وبعد عدة محاولات، أفلح في الانتحار. وفي ١٧٣٣ بيعت إحدى لوحاته بخمسمائة دولار؛ وفي ١٩٦٣ بيعت من جديد بتسعين ألف دولار (٥١)، وهو ما بين مبلغ تقدير قيمة الفن وهبوط قيمة النقود.