كان من الطبيعي أن تعمد الثورة الفرنسية حيناً إلى تمزيق نظام غربي أوربا التعليمي لأنه جلّه كان خدمة تابعة للكنيسة، ولم يكن في الإمكان تحدي نفوذ رجال الدين التقليديين بنجاح ما لم تحطم هيمنتهم على التعليم. وقد أنحى لوثر باللوم على مدارس ذلك العهد الثانوية التي تركز على تعليم اللغات القديمة، وقال إنها تعلم الطالب "من اللاتينية الرديئة ما يكفي لإعداده قسيساً وتمكينه من تلاوة القداس … ومع ذلك يظل طوال حياته جهولاً مسكيناً لا يلح لشيء"(٢). أما الجامعات فبدت له مغامرات للقتلة، وهياكل للإله ملخ، ومجامع للفساد "لم يظهر على الأرض" … ولن يظهر … ما هو شر منها. " وخلص من هذا إلى أنها "لا تصلح إلا لهدمها وتسويتها بالتراب" (٣). واتفق ملانكتون مع لوثر في الرأي، لأن الجامعات تحول طلابها إلى الوثنية (٤). وتقبل الآباء الذين يضنون بنفقات تعليم أبنائهم، رأي كارلشتات، و "أنبياء" زفيكالو، والقائلين بتجديد المعمودية، في غير تردد-وهو أن التعليم زخرف لا غناء فيه، وخطر على الأخلاق، ومعوق للخلاص. وكانت حجة بعض الآباء أنه ما دام التعليم الثانوي موجهاً إلى حد كبير لإعداد الطلاب ليكونوا قساوسة، وما دامت هذه المهنة قد بارت سوقها، إذن فليس من المنطق أن يبعثوا بأبنائهم إلى الجامعات.
كان دعاة الإصلاح البروتستنتي يتوقعون أن يفرد جانب من دخل الأملاك الكنسية التي استولت عليها الدولة لإنشاء مدارس جديدة تحل محل تلك الآخذة في الزوال عقب إغلاق الأديار. ولكن "الأمراء والأشراف" على حد قول لوثر "شغلوا بشئون عالية وهامة- شئون كهف الخمور والمطبخ والمخدع- فلم يعد لديهم متسع من الوقت" لمد يد المعونة إلى التعليم. وكتب يقول في ١٥٢٤ "إن المدارس في الولايات الألمانية ترك الآن في كل مكان لتصبح خراباً يباباً" (٥). وما وافى عام ١٥٣٠