إن الجنوب الحار اللطيف يولد الحضارة والشمال البارد القاسي يتغلب مراراً على الجنوب المتهاون الكسول ويستوعب الحضارة ويحورها، وإن بلاد أقصى الشمال - سكوتلندة والنرويج والسويد وفنلندة - لتكافح العناصر التي تكاد تشبه الظروف القطبية الشمالية لتقوم بشيء من الترحيب بالحضارة وتسهم فيها وهي تواجه ألف عاقبة.
ولقد شجعت الهضاب المجدبة الخالية من الطرق على قيام الإقطاع ولم تشجع على الزراعة، بينما رحبت الأراضي المنخفضة الخضراء الخصيبة بغزوة بعد غزوة قام بها الإنجليز الذين لم يستطيعوا أن يدركوا لماذا لا تستقبل سكوتلندة تدفعهم عليها هم وملوكهم. وكان الإسكوتلنديون قديما ً من الكلتيين واختلطوا في القرون الوسطى بالإيرلنديين والنرويجيين والإنجليز والساكسون والنورمانديين، وما أن حل عام ١٥٠٠ حتى كانوا قد أصبحوا شعباً ضيق الأفق في المشاعر والأفكار - ومثلهم في ذلك مثل شبه جزيرتهم، عميق الغور في الخرافة والأساطير مثل الضباب المنتشر عندهم معتزاً بنفسه مثل قننه البحرية، فظاً مثل أرضه، متهوراً مثل سيوله الجارفة، وهو شرس ورقيق، قاسٍ وشجاع في آن واحد، ولا يقهر أبداً. ويبدو أن الفقر ضارب