بجذوره وظروفه الجغرافية والأخلاق في فقره، وهكذا نشأ الشح من التربة الحانقة، وكان الفلاحون يرزحون تحت وطأة الكدح والنصب، فلم يكن لديهم متسع من الوقت لكتابة الرسائل، أما النبلاء الذين أبقوهم في العبودية فقد فاخروا بالأمية، إذ وجدوا ألا فائدة من تعلم حروف الأبجدية في ثاراتهم أو حروبهم، وقسمت الجبال والعشائر السكان المشتتين إلى طوائف متناظرة متهورة لا يعفون عن أعدائهم في الحرب ويعطون أماناً في السلم. ولما كان النبلاء يملكون تقريباً كل أسباب السلطة العسكرية في فرقهم الخاصة فإنهم سيطروا على المجلس النيابي وعلى الملوك. وكان لدى آل دوجلاس وحدهم ٥٠٠٠ تابع ودخولهم تضارع دخل التاج.
وقبل عام ١٥٠٠ كانت الصناعة بدائية ومنزلية والتجارة مضطربة، والمُدن قليلة وصغيرة، وكان تعداد سكان سكوتلندة كلها وقتذاك ٦٠٠. ٠٠٠ نسمة نصف سكان جلاسجو اليوم. وكانت جلاسجو بلدة صغيرة تعمل بالصيد وكانت برت هي العاصمة حتى عام ١٥٤٢، وكان بأدنبرة ١٦. ٠٠٠ نسمة.
وعبرت روح الاستقلال الفردية والمحلية والقومية عن نفسها في الأنظمة القروية والبلدية التي تتمتع بالحكم المحلي داخل إطار الإقطاع والملكية، وسمح لأوساط الناس - المواطنين المحررين من سكان المُدن - بأن يكون لهم ممثلون في المجلس النيابي أو مجلس المقاطعات، ولم يكن يحق لهم أن يجلسوا بين زملائهم من أعضاء العموم كما في إنجلترا، ولكن بين ملاّك الأراضي من الإقطاعيين، وكانت أصواتهم تضيع في الأغلبية التي للنبلاء. ولما كان الملوك لا يستطيعون أن يوطدوا سلطانهم ضد النبلاء بالتحالف مع التجار والأغنياء والمُدن الآهلة بالسكان، كما هو الحال في فرنسا، فإنهم سعوا إلى الحصول على التأييد من ثروة الكنيسة ونفوذها.
أما النبلاء فكانوا على طرفي نقيض مع الملوك وتعلموا أن يكرهوا الكنيسة ويحبوا أملاكها وانضموا في إطلاق الصرخة العامة التي تنادي