غنية التطريز، ويركب عربة تجرها ستة خيول يتحتم أن تكون شهياء، ويعلن عن قدومه بنفير فرنسي مرح. وقد أصلح من شأن الطرق والمباني، وخطط الحدائق الجميلة، ووفر الموسيقى، وسحر الجميع إلا قلة منهم بلطفه وظرفه. وتوافد نبلاء الإنجليز على مملكته، لأنه وفر لهم موائد القمار كما وفر الحمامات، فلما سنت قوانين تحرم القمار ابتكر ألعاب حظ جديدة تتفادى القوانين. وأخيراً وفد على باث جورج الثاني، والملكة كارولين، والأمير فردريك لويس، وغدت باث حيناً بلاطاً ثانياً. ولا ريب في أن ايرل تشسترفيلد الذي كان يعشق المدينة كان مطبقاً على صفوفها ذلك الوصف الذي وصف به جميع البلاطات بقوله أنها أماكن "يجب أن تتوقع أنك ستلقى فيها بارتباطات دون صداقة، وعداوات دون ضغينة، ونبالة دون فضيلة، ومظاهر تنقَذ وحقائق تضحَى؛ آداب حسنة مشفوعة بأخلاق سيئة، وكل الرذائل والفضائل مقنعة، حتى أن كل من كان يميز بينها بعقله فقط لن يتبين الواحدة من الأخرى حين يلقاها أول مرة في البلاط (٩٦) ".
[٧ - تشسترفيلد]
فلننفق نصف ساعة مع هذا النبيل المرهف الحس. فقد تمثلت فيه خصائص أرستقراطية العصر الإنجليزية، اللهم إلا تأليفه كتاباً حسناً. ذلك أن هذا الكتاب "رسائل لولده"، الذي درج الناس على الغض من قدره، هو خزانة من الحكمة في نثر مشرق، ومرشد محكم لعادات طبقته ومثله العليا، وإعلان جذاب عن ذكاء مرهف مهذب.
كان اسمه بالعماد (١٦٩٤) فليب درومر ستانهوب، بن فليب ستانهوب، ايرل تشسترفيلد الثالث، والليدي اليزابث سافيل، ابنة جورج سافيل، مركيز هاليفاكس، المساير الماكر للعهود الملكية السابقة. ماتت أمه في طفولته، وأهمله أبوه، فكفلته مركيزة هاليفاكس. وحذق تعلم الكلاسيكيات واللغة الفرنسية على يد معلم خاص، فأصبحت ثقافة روما وفرنسا إبان نضجهما جزءاً من عقله. وأنفق سنة في كمبردج، ثم انطلق في ١٧١٤ في الرحلة الكبرى. وفي لاهاي قامر بمبالغ كبيرة، وفي باريس جرب عينات من النساء تجربة