للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الفصل الخامس

[خاتمة أشور]

آخر أيام ملك - أسباب انحلال أشور - سقوط نينوى

بيد أن "الملك العظيم، الملك القادر، ملك العالم، ملك أشور" أخذ في آخر أيامه يندب سوء حظه. وآخر ما خلفه لنا من الألواح يثير مرة أخرى مسألتي سفر الجامعة وسفر أيوب:

"لقد فعلت الخير لله والناس، للموتى والأحياء؛ فلم إذن أصابني المرض وحل بي الشقاء؟ إني عاجز عن إخماد الفتن التي في بلدي، وعن حسم النزاع القائم في أسرتي، وأن الفتائح المزعجة لتضايقني على الدوام، وأمراض العقل والجسم تطأطئ من إشرافي، وهأنذا أقضي آخر أيامي أصرخ من شدة الويل؛ بائسا في يوم إله المدينة، ويوم العيد. إن المنيّة تنشب في أظفارها، وتنحدر بي نحو آخرتي. أندب حظي ليلا ونهارا، وأنوح وأعول وأتوجع: "أي إلهي! هب الرحمة لإنسان وإن كان عاقا حتى يرى نورك! " (١)


(١) ويصور ديودور هذا الملك في صورة من أخذ يقض عمره في إشباع شهواته النسائية والفجور والفسق المخنث. ولسنا نعرف عن أي شيء استند ديودور. ثم إنه يعزو إليه أنه هو واضع هذه العبارة التي كتبت على قبره: إنك نعلم حق العلم أنك قد ولدت للفناء. فاطرب، وابتهج في الأعياد. وإذا مت فلن يبق لك بعدئذ ما يسرك، ومن أجل هذا فإني، وقد حكمت من قبل نينس العظيمة، لست الآن إلا ترابا. ولكن قد بقيت لي هذه الأشياء التي ابتهجت بها. في حياتي- الطعام الذي أكلته، واللهو الذي استمتعت به، وملاذ الحرب ومسراتها. أما ماعدا هذا من الأشياء التي يراها الناس نعما فقد تركتها خلفي. ولعلنا لا نجد شيئا من التناقض بين هذا المزاج وبين المزاج الذي تصوره نصوص هذا الكتاب؛ فقد يكون أحدهما تمهيدا طيبا للآخر.