في ٣١ يوليو سنة ١٧٨٩ كتب الحاكم موريس Gouverneur Morris من فرنسا: "إن هذه البلاد أقرب ما تكون في الوقت ا لحاضر إلى فوضوية لا ضابط لها" فالتجار يتحكمون في السوق وتسببوا في نقص الحبوب لصالحهم ورفعوا الأسعار، والعربات التي تنقل الطعام إلى المدن تتعرض للنهب في أثناء الطريق، وعمت الفوضى واختل الأمن وتهدد النقل. وضجت باريس من كثرة المجرمين. وكان الريف الفرنسي أيضا مرتعاً للصوص الطوافين حتى إن الفلاحين في كثير من المقاطعات سلحوا أنفسهم في ذلك الجو من الرعب الهائل الذي سببته هذه الجموع التي لا يحكمها قانون، ففي غضون ستة أشهر اقتنى المواطنون ٤٠٠،٠٠٠ بندقية، وعندما انتهت فترة الرعب الهائل Great Fear هذه قرر الفلاحون استخدام أسلحتهم ضد جامعي الضرائب والاحتكاريين والسادة الإقطاعيين، فهاجموا قصور الإقطاعيين بالبنادق (المسكت) والمذاري والمناجل (المحشات) وراحوا يطالبون بإظهار الوثائق والمستندات التي تثبت حقوق السادة، ومدى تفو يضهم في جمع الرسوم الإقطاعية، فإذا ما أطلعهم عليها السادة، قاموا بحرقها، وإذا رفضوا إطلاعهم وقاوموهم، أحرق الفلاحون قصر السيد الإقطاعي وحدث في عدة حالات أن قتلوا المالك (السيد الإقطاعي) واستمر الحال على هذا المنوال منذ بداية شهر يوليو سنة ١٧٨٩ وانتشر حتى عمّ أنحاء فرنسا كلها.
وفي بعض الأماكن حمل المتمردون إعلانات يزعمون بمقتضاها أن الملك قد خولهم كل الصلاحيات في مقاطعاتهم. وغالبا ما كان التدمير يجري بغير ضابط وبعنف شديد حتى إن الفلاحين التابعين لأراضي دير مورباش Murbach أحرقوا مكتبة الدير، وحملوا معهم الطبق الذي يدار به على المتعبدين لجمع التبرعات واستولوا على ستائر الكتان وفتحوا براميل النبيذ وشربوا كل ما استطاعوا شربه وأراقوا الباقي. وفي ثمانية كومونات Communes (بلديات) اجتاح السكان الأديرة واستولوا على الحجج القانونية ومستندات الملكية بها وأعلنوا للرهبان أن رجال الدين (الإكليروس) أصبحوا الآن تابعين للشعب، وورد في تقرير مقدم للجمعية الوطنية أنه في كونتيّه فرانش Franche-Comte تم إحراق أو نهب نحو أربعين قصراً إقطاعيا، وفي لانجر Langers جرى نهب وإحراق ثلاثة قصور من