لم يبلغ علم الحيوان في الزمن القديم مثل ما بلغه في كتاب أرسطو المسمى تاريخ الحيوان، والراجح أن خليفته ثاوفراسطوس قد اتفق معه على أن يوزعا العمل بينهما، فكتب هو تاريخ النبات، وكتب بحثاً آخر أكثر إيغالاً في البحث النظري يسمى أسباب النبات. وكان ثاوفراسطوس يحب فن فلاحة البساتين ويعرف كل صغيرة وكبيرة في موضوعه. وكانت نزعته العلمية في كثير من النواحي أعظم من نزعة أستاذه، كما كان أكثر منه عناية بالحقائق، وأدق نظاماً في عرضها؛ ومن أقوالهِ في هذا المعنى أن الكتاب الخالي من التصنيف غير خليق بأن يعتمد عليه مثله كمثل الجواد غير الملجم (٣٥). وقد قسم النباتات جميعاً إلى أشجار، وشجيرات، وأعشاب، وحشائش؛ وميز أجزاء النبات بعضها من بعض، وقسمها إلى جذر، وساق، وأغصان، وعساليج، وأوراق، وأزهار، وفاكهة- وهو تقسيم لم يدخل عليه أي تحسين حتى عام ١٥٦١ (٣٦) م. وقد كتب في ذلك يقول:"للنبات قدرة على التوالد سارية في جميع أجزائه، لأن فيه حياة تسري فيها جميعاً … وطرق توالد النبات هي: الطريقة التلقائية من بذرة، أو جذر، أو قطعة تقطع منه، أو غصن، أو عسلوج، أو قطع من الخشب تقسم أقساماً صغيرة، أو من الجزع نفسه (٣٧) ". ولم يعرف شيئاً عن التكاثر بالتزاوج الجنسي في النبات، اللهم إلا عن عدد قليل من أنواعه كأشجار التين، ونخل البلح؛ وهنا سار على نهج البابليين فوصف عمليتي التلقيح، والتختين لإنضاج الفاكهة قبل الأوان بوسائل اصطناعية. وبحث في التوزيع الجغرافي للنبات، وفي فوائده للصناعة، وفي أنسب الأحوال