كتاباتك. وإذا كنت لا أكرم فيك غير مواهبك فليس الذنب ذنبي. ولن يوجد قصور أو نقص أبداً في الاحترام الواجب لها، ولا في المسلك الذي يقتضيه ذلك الاحترام" (٥٣).
ولم يجب فولتير، ولكنه كان يدعو روسو سراً "المشعوذ" و "المجنون" (٥٤) و "النسانس الصغيرة" وقد كشف فر سائله لدالامبير عن نفس لا تقل حساسية وتأججاً عن نفس جان-جاك:
"وتلقيت رسالة طويلة من روسو. لقد جن جنوناً مطبقاً … فهو يهاجم المسرح بعد أن كتب هو نفسه تمثيلية هزيلة رديئة؛ هو يهاجم فرنسا التي تطعمه؛ وهو يجد خمسة أضلاع متعفنة أو ستة من برميل ديوجين ويتسلقها لينبحنا؛ وهو يتخلى عن أصدقائه. ويكتب إلى-إلى! -أشد ما سود به متعصب الصحائف إهانة … ولولا أنه قزم حقير لا أهمية له، انتفخت أوداجه غروراً، لما كان في الأمر أذى يذكر؛ ولكنه أضاف إلى وقاحة خطابة وعار التآمر مع متنطعي السوسنيين هنا للحيلولة بيني وبين إقامة مسرح لي في تورنيه، أو على الأقل لمنع المواطنين من التمثيل فيه معي. وإذا كان قصده من هذه الحيلة الوضيعة أن يعد لنفسه عودة ظافرة إلى الأزقة الحقيرة التي نشأ فيها، فذلك فعل وغد، ولن أصفح عنه ما حييت. ولو أن أفلاطون لعب على لعبة من هذا النوع لانتقمت منه، فما بالك بتابع خانع لديوجين. إن مؤلف "الويزا الجديدة" ليس إلا وغداً شريراً" (٥٥).
في هذين الخطابين اللذين كتبهما أشهر كاتبين في القرن الثامن عشر نستشف من وراء تيارات العصر التي يحسبها الناس غير شخصية، الأعصاب التي اشتد إحساسها بكل لطمة في الصراع، والغرور البشري المشترك الذي تضطرب به أفئدة الفلاسفة والقديسين.
[٥ - هلويز الجديدة]
إن الكتاب الذي أخطأ فولتير في تسميته كان طوال ثلاث سنين ملاذا لروسو من أعدائه، وأصدقائه، والعالم. بدأه عام ١٧٥٦ وفرغ منه في