للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الرابع

[نيرون]

ينتمي نيرون من جهة أبيه إلى أسرة الدوميتيين الأهينوياربيين Domit (Ahenobarbi، وقد لقبوا بهذا اللقب لأن رجال هذه الأسرة كانت لهم لحي شبيهة في لونها بلون البرونز. وقد اشتهروا في رومة مدى خمسمائة عام بقدرتهم وجرأتهم، وغطرستهم، وشجاعتهم، وقسوة قلوبهم. وكان جد نيرون لأبيه مولعاً بالألعاب والمسرح، وكان يسوق عربة في السباق، وينفق الكثير من الأموال على الوحوش والمجتلدات، وقد اضطر أغسطس إلى تأنيبه لقسوته الوحشية في معاملة موظفيه وأرقائه. وقد تزوج بأنطونيا ابنة أنطونيوس وأكتافيا. وزاد ابنه أكنيوس دوميتيوس من شهرة الأسرة بانهماكه في الفسق، ومضاجعه المحارم، والوحشية والخيانة. وقد تزوج في عام ٢٨ م بأجربينا الثانية ولم تكن وقتئذ تزيد على الثالثة عشرة من عمرها، وإذا كان على علم بآباء زوجته وآبائه فقد اعتقد: "أن لا خير مطلقاً يمكن أن يؤدي إليه قراننا" (٦٢). وقد أطلقنا على ابنهما الوحيد اسم لوسيوس Lucius وأضافا إليه لقب نيرون، ومعناه في اللغة السبينية: القوي الشجاع.

وكان أهم من علموه هما كرمون Chaeremon الرواقي الذي علمه اللغة اليونانية، وسنكا الذي علمه الأدب والأخلاق ولكنه لم يعلمه الفلسفة؛ ذلك أن أجربينا منعته من تعلم الفلسفة لزعمها أنها تجعل نيرون غير صالح لتولي عرش الإمبراطورية (٦٣). وما من شك في أن نتيجة هذا التحريم تشهد بفضل الفلسفة. وقد شكا سنكا، كما يشكو كثير من الأساتذة، من أن الأم كانت تفسد عليه عمله بتدخلها فيه، فقد كان الغلام يهرول إليها كلما أنّبه مدرسه، ولم يكن يشك في أنها ستحنو عليه وتدلله. وقد حاول