للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحرب (٢١). واستتب لبعض الوقت النظام الاجتماعي ونزاهة الإدارة. ولما أحس الآن بأنه في مأمن إلى حد معقول، استأنف الحرب مع فارس؛ وقبل أن يتحداه محارب فارسي في نزال فردي، فأرداه قتيلاً، واستولى على بغداد (١٦٣٨)، وجاد بصلح على نصر، ولدى عودته إلى القسطنطينية استقبله أهلوها استقبال المنتصر الظافر. ومات بعد ذلك بعام واحد متأثراً بداء النقرس الذي سبب له الإدمان على الخمر. وكان في الثامنة والعشرين من العمر.

وبعد وفاة مراد الرابع، عاد اضمحلال تركيا سيرته الأولى. فإن إبراهيم الأول نجا من موت محقق بيد أخيه، لكونه مخبولاً، أو لتظاهره بالخبل، وتجددت الفوضى والفساد في ظل حكمه الضعيف الطائش. وشن الحرب على البندقية وأرسل حملة إلى كريت. وسد البنادقة منافذ الدردنيل. وتضور أهالي القسطنطينية جوعاً. وثار الجيش وشنق السلطان. وعادت إلى ذاكرة الغرب المسيحي قصة الحرس البريتوري في روما، وانتهوا إلى أنه لم يعد ثمة مبرر لأن يرهبوا قوة الأتراك وفي بحر خمس وثلاثين سنة أخرى كان الأتراك على أبواب فيينا من جديد.

[٤ - الشاه عباس الأكبر]

١٥٨٧ - ١٦٢٩

أنه لمن حسن حظ الغرب المسيحي أنه فيما بين عامي ١٥٧٧ و١٦٣٨، حين كانت فرنسا أولاً، ثم ألمانيا من بعدها، قد شلت حركتها الحروب الدينية، أن الأتراك الذين كان يمكن أن يمدوا حدودهم الغربية إلى فيينا، وجهوا كل همهم وطاقتهم إلى فارس. وهنا أيضاً كان الدين مبرراً يستر وراءه شهوة السلطان والسيطرة. فإن الأتراك الذين كانوا يتبعون المذهب السني، رموا الفرس بالمروق لأنهم اتبعوا مذهب الشيعة، ودمغوا من ولي الخلافة بعد عليّ، وهو زوج بنت الرسول، بأنه مغتصب لها. وكانت ذريعة