على حياته. وكثيراً ما كان يستيقظ قبل تقليد "الاستيقاظ" المقرر رسمياً ويوقد ناره بنفسه لكي لا يوقظ خدمه، ويغلب عليه أن يلبث في فراشه حتى الحادية عشرة. أما في الليل، فإنه بعد أن يحتفل رسمياً بذهابه إلى فراشه، قد يتسلل ليلهو بمحظيته أو حتى ليتفقد مدينة فرساي متنكراً وكان يلوذ بالصيد من مراسم البلاط المتكلفة، وفي الأيام التي لا يهرب فيها للصيد كانت بطانته تقول "أن الملك لا يعمل اليوم شيئاً (٧٣) ". وكان يعرف عن كلاب صيده أكثر مما يعرف عن وزرائه؛ إذ رأى أن في قدرة وزرائه أن يعنوا بشؤون الدولة خيراً منه، فلما نبه إلى أن فرنسا في طريقها إلى الإفلاس الثورة؛ عزى نفسه بهذه الفكرة "ستسير الأمور على هذه الوتيرة حتى ينتهي أجلي".
أما من الناحية الجنسية فقد كان وحشاً فاسقاً. ولقد تغتفر له اتخاذه المحظية التي اتخذها حين ضاقت الملكة ذرعاً بفحولته، وقد نفهم اقتناءه ببومبادور؛ وحساسيته لجمال المرأة وظرفها وحيويتها المشرقة، ولكن قل في تاريخ الملوك ما أشبه حقارة تنقله بين الفتيات اللاتي أعددهن لفراشه في البارك أو سير واحدة تلو أخرى. وكان مجيء دوياري بالقياس إلى هذا رجوعاً إلى الحالة السوية.
[٧ - دوباري]
بدأت حياتها في قرية من قرى شمبانيا تدعى فوكولير حوالي ١٧٤٣ باسم ماري-جان بيكي، ابنة الآنسة آن بيكي، التي تبدو أنها لم تمط اللثام قط عن شخصية أبي الفتاة. ومثل هذه الخفايا كانت مألوفة بين الطبقات الدنيا. وفي ١٧٤٨ انتقلت آن إلى باريس وأصبحت طاهية للمسيو دومونسيه الذي رتب إلحاق جان، وهي في السابعة، تلميذة داخلية بدير سانت-آن للراهبات. هناك مكثت الفتاة الجميلة تسع سنوات، يلوح أنها لم تعوزها فيها السعادة؛ وقد احتفظت بذكريات حلوة عن هذا الدير المنظم، وتلقت فيه تعليماً في القراءة والكتابة والتطريز، واحتفظت طوال حياتها يتدين بسيط ولا يتشكك، وبإجلال الراهبات والقساوسة، وكان إيواؤها للقساوسة المطاردين في الثورة من العوامل التي أفضت بها إلى الجيلوتين (٧٥).