وكان أكثر العلوم تقدماً في العصور الوسطى هو علم طبقات الأرض؛ وسبب ذلك أن الأرض كانت في رأيهم موطن المسيح، وغلاف الجحيم، وأن الأحوال الجوية من تقدير الله. وكان المسلمون واليهود والمسيحيون على السواء يغشون علم التعدين بغلاف من الخرافات. ويؤلفون "الجوهريات فيما للحجارة من قوى سحرية. من ذلك أن ماربو Marbood أسقف رنن Rennes (١٠٣٥ - ١١٣٣) كتب بالشعر اللاتيني كتاباً شعبياً سماه كتاب الجواهر وصف فيه القوى الخفية الكامنة في ستين نوعاً من الحجارة الكريمة، فقال هذا الأسقف المتبحر في العلوم إنه إذا أمسك الإنسان بيده حجراً من الياقوت الأزرق أثناء الصلاة كان ذلك أدعى لاستجابة الله إلى دعائه (٣٦)، وإن حجر عين الهر إذا لف في ورقة من نبات الغار يُخفي من يمسك به من أعين الناس، وإن حجر الجمشت يجعله بمأمن من السكر؛ وإن الماس يجعل من يمسك به صنديداً لا يُهزَم (٣٧).
وكان التشوف والتحمس اللذان أحاطا معادن الأرض بهذه الخرافات هما اللذين بعثا الناس في العصور الوسطى على التجوال في أوربا وبلاد الشرق، فأغنوا بذلك علم الجغرافيا على مهل. من هؤلاء جرالدس كمبرنسس Giraldus Cambrensis - جرالد الويلزي Girald of Wales، (١١٤٧ - ١٢٢٣) - الذي طاف ببلاد كثيرة وكتب في موضوعات كثيرة، وأتقن لغات كثيرة ليس