المال العام. وراحت النشرات من آلاف النسخ تسب الوزير بلغة سوقية مفعمة بالحماسة. وتقاطرت الحشود حول وستمنستر هول، وأحرقوا دمى تصور ولبول في عشرات الحرائق، وحاول تمزيقه إرباً وهو يغادر كنيسة القديس ستيفن؛ لقد استثيرت الأمة إلى شفا الثورة. وخافت الملكة كارولين على ولاء الجيش، وارتعدت فرقاً على سلامة الأسرة المالكة الجديدة. وسحب ولبول القانون مسلماً بالهزيمة، ومن هذه اللحظة اضمحل سلطانه. وتكتل خصومه ليجهزوا عليه.
[٤ - بولنبروك]
وكانوا خصوماً كثيرين متنوعين. فتآمرت جماعة منهم ما زالت متشيعة لأسرة ستيوارت، مع المطالب بالعرش، وسنراها بعد قليل تنتشي بمغامرة "الأمير الجميل الشاب تشارلي " Bonnie Prince Charlie". و "شلة" أخرى راحت ترقص حول فردريك لويس، أمير ويلز (ولي العهد)، عدو الملك ووريثه. وكان أعظم كتاب العصر الإنجليز يناوئون الوزير-سويفت، وبوب، وفيلدنج، وآربتنوت، وطومسن، وأكينسايد، وجاي؛ تهكموا بسلوكه، وفضحوا أخلاقه، وعابوا سياساته، ولاموه على قطع تلك المعونة السخية التي كانت تغدق على المؤلفين والتي تفردت بها الحكومة في عهد وليم الثالث والملكة آن. أما المحافظون المتعطشون لرحيق المنصب فقد استعدوا عليه أصحاب السلطان سراً، واستعانوا بالشعراء وأثاروا ثائرة البرلمان في عزمهم على أن يخلفوا هذا الوزير الشبيه بفولستاف على مزود الوزارة. وعبر وليم بلتني، وتشسترفيلد، وبت الصاعد، بأصواتهم عن قضيتهم، ودافع عنها بولنبروك في غير هوادة بقلمه القتال.
وكان بولنبروك قد نال في ١٧٢٣ عفواً ملكياً يسمح له بالعودة إلى إنجلترا واستعادة أملاكه، ولكنه أبعد بنفوذ ولبول عن ناصب الدولة وعن عضوية البرلمان باعتباره رجلاً تعددت خياناته وشك في ولائه. على أن هذا لم ينتقص من سلطانه. ففي بيته بلندن التقت صفوة إنجلترا، مفتونة بوسامته وألمعيته وعبير اسمه. هناك، وفي بيته الريفي، راح يتراشق بالسخريات مع سويفت، وبالهرطقات مع