بوب، وبالأغاني الشعبية مع جاي؛ وهناك أفضل ناضل ليوحد بين المحفظين الجياع وبين الأحرار الذين لم يظفرهم بما يشبعهم من الرشا، في معارضة متكتلة ضد ولبول؛ وهناك نظم محرري وبرنامج مجلة-سميت أولاً (١٧٢٦)"السيد الريفي" ثم "الفنان"-راحت تكيل اللطمات، أسبوعاً بعد أسبوع، لكل شيء صنعه ولبول أو أراد أن يصنعه. وكتب بولنبروك بقلمه أشد المقالات أذى، وهي أروع نثر سياسي شهده العصر بعد اضمحلال سويفت. وقد أهدى سلسلة من تسعة عشر خطاباً (١٧٣٣ - ٣٤)"رسالة في الأحزاب"-إلى ولبول تهكماً منه. كتب تشسترفيلد لابنه يقول "لم أكن أعرف مبلغ قوة اللغة الإنجليزية حتى قرأتها (٣٦) ".
أما آفة بولنبروك فكانت خلقه. فلقد كان أدبه الجم (وهو ناموسه الخلقي الوحيد) يفارقه إذا أحبطت مشيئته أو عورضت آراؤه. وفي يونيو ١٧٣٥ تشاجر مع بلنتي الزعيم الأسمى للمعارضة وعاد غاضباً إلى فرنسا. وهناك استقر مع مركزيته قرب فونتنبلو وواسى جراحه بالفلسفة. وفي كتابه "رسائل في دراسة التاريخ وفائدته"(الذي ألفه في ١٧٣٥) وصف التاريخ بأنه معمل هائل أجرت فيه الأحداث تجارب لا حصر لها على الرجال، والاقتصاد، والدول، ومن ثم كان خير مرشد إلى طبيعة البشر، وأذن فالي تفسير الحاضر والتنبؤ بالمستقبل. "إن التاريخ هو الفلسفة التي تعلم بالمثال … فنحن نرى الرجال بطولهم الكامل في التاريخ (٣٧) ". وينبغي "أن نعكف عليه بروح فلسفية" وألا يقتصر همنا على فهم الأسباب والآثار والنتائج المتماثلة، بل نجاوز هذا إلى الطرق التي تبين إلى الآن أنها معينة على تطور البشر وسعادتهم (٣٨). والعقبة في مثل هذه الدراسات هي "أن قليلاً من كتب التاريخ يخلو من الأكاذيب، وليس بينها كتاب يخلو من الأخطاء .. ولقد سرت روح الكذب من المؤرخين الكنسيين إلى غيرهم (٣٩) ". ولكن قد يستطيع الطالب القوي العزم بمواجهة كاذب بآخر أن يشق طريقه بينهما إلى الحقيقة. وفي ١٧٣٦ عاد بولنبروك إلى حلبة السياسة بكتابه "رسائل في الروح الوطنية" الذي هاجم فساد حكومة ولبول ودعا إلى روح جديدة من الولاء المنكر للذات في السياسة الإنجليزية.