يستطع المحرر، أو المؤلف، إبراز الأصل قط، ولن يستطيع ذلك غيره كائناً من كان" (٣٧). وكتب مكفرسن لجونسن يقول إن شيخوخة الرجل الإنجليزي وحدها هي التي تحميه من تحديه للمبارزة أو من ضربه "عقله". ورد جونسن "أرجو ألا تعوقني أبداً سفالة وشب عن كشف ما أعتقد أنه غش وزيف … لقد كان رأيي في كتابك أنه منقول، وما زال رأيي فيه كذلك .. أما غضبك فإني أتحداه" (٣٨). وشارك هيوم وهوراس ولبول وغيرهما جونسن شكوكه. ولما طلب إلى مكفرسن أن يبرز الأصول التي زعم أنه ترجمها تباطأ، ولكنه ترك عند موته مخطوطات ملاحم غيلية، استعمل بعضها في وضع حبكة قصائده وتقرير طابعها. وقد أخذ عن هذه النصوص الكثير من العبارات والأسماء، ولكن الملحمتين كانتا من إنشائه.
على ان الغش لم يكن بالشدة أو الشناعة اللتين زعمهما جونسن: فلنسمه جوازاً شعرياً على نطاق واسع جداً. والملحمتان الشعريتان النثريتان، إذا أخذناهما في ذاتهما، تبرران بعض ما حظيتا به من إعجاب. فقد أعربتا عن جمال الطبيعة وأهوالها، وعن ضراوة الحقد، وعن لذة الحرب. وكان فيهما نزعة عاطفية مسرفة في الرقة، ولكنهما جمعتا إليها بعض السمو الذي أوحى به السر توماس مالوري قبل ذلك في قصيدته "موت آرثر" (١٤٧٠). وقد صعدتا إلى قمة الشهرة على الموجة الرومانتيكية التي غمرت حركة التنوير.
[٤ - آدم سمث]
كان آدم سمث بعد هيوم أعظم شخصية في التنوير الاسكتلندي. وقد مات أبوه قبل مولده (١٧٢٣) بشهور، وكان مراقباً للجمارك في كركلدي. وكانت المغامرة الوحيدة تقريباً في حياة رجل الاقتصاد يوم خطفه الغجر وهو طفل في الثالثة ثم تركوه على جانب الطريق بعد أن طوردوا. وبعد أن تلقى آدم بعض التعليم المدرسي في كركلدي، واختلف إلى محاضرات هتشسن في جلاسجو، ذهب إلى أكسفورد (١٧٤٠) حيث وجد المدرسين كسالى تافهين كما سيصفهم جبون في ١٧٥٢. وعلم سمث نفسه بالإطلاع، ولكن سلطات الكلية صادرت النسخة التي اقتناها من مبحث هيوم في الطبيعة