صفحات من أوسيان. وكانت تحوي قصة دورا العذراء الرقيقة يرويها أبوها أومين: كيف أغرتها "الأرض" الشريرة واقتادتها إلى صخرة في البحر بوعدها بأن حبيبها أرمار سيلقاها هناك، وكيف تركتها الأرض على الصخرة، وما من حبيب أتى. "فرفعت صوتها، ونادت على أخيها وأبيها: ارندال! أرمين! " وجدف ارندال لينقذها، ولكن سهماً أطلقه عدو مختبئ فتك به، وجاء حبيبها أرمار إلى الشاطئ، وحاول أن يسبح إلى دورا، "ولكن ريحاً عاصفة من التل طغت فجأة على الأمواج، فغاص في اليم، ولم يطف بعدها". أما الأب الذي كان أعجز وأضعف من أن يخف لنجدتها فأخذ يصرخ مرتعباً يائساً:
على الصخرة التي يلطمها اليم سمعنا ابنتي تستغيث وهي وحيدة. وكانت صرختها مترددة عالية فما الذي في وسع أبيها أن يفعله؟ لقد وقفت على الشاطئ الليل كله وأبصرتها على ضوء القمر الكليل … وكان للريح ضجيج والمطر ينهمر وابلاً على التل. وقبل أن ينبلج الصبح كان صوتها قد خفت، ثم تلاشى كأنه نسيم المساء بين عشب الصخور. وقد قضت كمداً وحزناً.
"لقد ضاعت قوتي في الحرب، وسقطت كبريائي بين النساء، وحين تهب العاصفة العاتية، وحين ترفع ريح الشمال الموج عالياً أجلس إلى الشاطئ الصاخب وأنظر إلى الصخرة القاتلة. وكثيراً ما أرى أشباح أطفالي على ضوء القمر الغارب … أما يتكلم أحدكم رحمة بي! "(٣٦).
ولم يلبث أن ثار جدل حول الملحمة: فهل "أوسيان" حقاً ترجمة الملاحم الغيلية العتيقة، أم أنه سلسلة من القصائد نظمها مكفرسن ودسها على شاعر ربما لم يعش قط؟ لقد صدق دعوى مكفرسن هردر وجوته في ألمانيا، وديدرو في فرنسا، وهيوبلير ولورد كيمز في إسكتلندة. ولكن في ١٧٧٥ أعلن صموئيل جونسن في كتابه "رحلة إلى جزائر إسكتلندة الغربية" بعد تحقيقات في الهبريد (١٧٧٣) رأيه في القصائد الأوسيانية: "أعتقد أنها لم توجد قط في أي صورة إلا الصورة التي رأيناها عليها. فلم