للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الفصل السادس

[مجارا]

لم تكن مجارا أقل حباً للذهب من كورنثة، وكانت التجارة عماد ثروة الأولى كما كانت عماد ثروة الثانية؛ لكنها تختلف عنها في أنها كان لها شاعر عظيم تحيا تلك المدينة القديمة في شعره، كأن ما قام فيها من الثورات هي بعينها الثورات التي قامت في بلادنا. وكانت المدينة تقع عند مدخل البلوبونيز نفسه، وكان لها مرفأ على كلا الخليجين، ومن أجل هذا كان موقعها يمكّنها من أن تساوم الجيوش المغيرة على تلك البلاد، وتفرض المكوس على التجارة؛ وقد أضافت إلى هذه التجارة صناعة للنسيج مزدهرة يشتغل بها رجال ونساء كانوا يسمون بلغة تلك الأيام الصادقة عبيداً. وقد بلغت المدينة أوج ازدهارها في القرنين السابع والسادس حين كانت تنازع كورنثة تجارة البرزخ؛ وهذا هو العهد الذي أنشأت فيه مستعمرات لها كانت بمثابة محطات تجارية انتشرت ما بين بيزنطية على البسفور حتى مجارا هبليا Megara Hyblaea في صقلية. وازدادت الثروة في المدينة زيادة مطردة؛ ولكنها تجمعت في أيدي طائفة قليلة برعت في جمعها، وبقيت جمهرة الشعب مكونة من أقنان معدمين بين أقلية موفورة الثراء (٩٦)، يستمعون إلى الدعاة الذين يمنونهم يعيش أرخى وحياة أنعم من عيشهم وحياتهم. وفي عام ٦٣٠ قرر ثياجينز Theagenes أن يصبح طاغية فيها، فأخذ يتملق الفقراء ويندد بالأغنياء، ثم قاد جماهير الغوغاء الجياع إلى مراعي الأغنياء أصحاب الأنغام، وأفلح في حمل العامة على أن يؤلفوا له حرساً خاصاً، فلما تألف ضاعف عدده، واستعان به على إسقاط الحكومة القائمة (٩٧). وحكم ثياجينز مجارا