وهكذا انتهت هذه الرحلة التي تفوق الخيال: ٧٢٠ ميلا من كان إلى باريس في عشرين يوما، وأنجزها غالب الجنود والمرافقين سيرا على الأقدام، وأوفى نابليون وعده بأن تتم إعادة فتح فرنسا دون إطلاق نار. والآن كونّ حكومة جديدة لإعادة السلام والوحدة في البلاد واستعد لمواجهة ٥٠٠،٠٠٠ جندي تجمعوا من روسيا وبروسيا والنمسا وإنجلترا ليعيدوه إلى جزيرته الصغيرة أو إلى جزيرة أخرى أبعد أو إطلاق النار عليه.
كل نهاية هي بداية، ففي ٢٠ مارس ١٨١٥ بدأ نابليون فترة حكم المائة يوم Hundred Days منها.
[٥ - إعادة البناء]
لقد كانت عملية استعادة الحكومة والجيش والإرادة الوطنية عملية صعبة تواجهها عوائق ثلاثة: عدم شرعية موقفه، واتحاد القوى الخارجية المعادية له، وتفرّق شعبه.
هاهو مرة أخرى يستولي على السلطة بالقوة، كما حدث في سنة ١٧٩٩ أو على الأقل بالتهديد باستخدام القوة ويزيح حكومة مستقرة تشريعيا. وحقيقة أنه استولى بالقوة على سلطة نُزِعت منه بقوّة السلاح، لكنه كان قد تنازل عن العرش كما أن السينات Senate قدَّم العرش للويس ١٨ فقبله كحق شرعي له، وهو الآن (أي لويس ١٨) لم يتخلّ عنه (أي عن العرش). لقد بدا في نظر الحلفاء وعدد غير قليل من الفرنسيين مغتصباً. لقد زاد اتحاد أعدائه الأجانب ضدّه عن ذي قبل أي عن أيام معاركهم المشتركة ضده في عامي ١٨١٣ و ١٨١٤. لقد أجمعت الأمم العديدة التي مُثّلت في مؤتمر فيينا على أنه خارج على القانون.
لقد تعهّدت كل من روسيا وبروسيا والنمسا وإنجلترا بأن تقدم كل منها ١٥٠،٠٠٠ مقاتل لخوض معركة جديدة لإخفائه من فوق مسرح الأحداث، ولم تكن هذه الدول وحدها، فقد قامت فدرالية الراين الجديدة بل وسويسرا الصغيرة بالإسهام في تكوين حاجز بشري ضده وتقديم المال اللازم للانقضاض عليه. وأرسل لهم نابليون عرضاً ذليلا للمفاوضات دون إراقة دماء فلم يتلقَّ منهم ردا، وناشد والد زوجته (إمبراطور النمسا فرانسيس الثاني) للتدخل لصالحه لدى المتحالفين الآخرين ضده، فلم يتلق منه ردا، وكتب لزوجته (ماري لويز)