ما يشرح لهم صدورهم جميعاً، ولكن لم يكن يقدم للجماعة مسكر، وكان السكر محظوراً. وكانت تلعب دور الراعية لبراعم المؤلفين، وتنثر هباتها يمنة ويسرة. وفتح غيرها من سيدات لندن-كالسيدة ثريل، والسيدة بوسكاوين، والسيدة مونكتون-بيوتهن للموهبة والجمال. وغدا المجتمع مزدوج الجنس، وبدأ ينافس باريس في شهرة صالوناته وعبقريتها.
[٢ - الأخلاق الإنجليزية]
يقول آدم سمث "في كل مجتمع رسخ فيه التمييز بين مراتب الناس يوماً رسوخاً تاماً، كان هناك على الدوام مخططان أو نظامان للأخلاق ساريان في الوقت معاً، يمكن أن يسمى الواحد الصارم أو المتزمت، والآخر المتحرر، أو إن شئت المتحلل. أما الأول فتعجب به وتبجله عامة الشعب بوجه عام، وأما الثاني … فيلقي تقديراً واعتناقاً أكثر ممن نسميهم المجتمع العصري"(١٧) وقد وصف جون وسلي، الذي كان ينتمي للطبقة المتزمتة، الأخلاق الإنجليزية في ١٧٥٧ بأنها خليط من التهريب، والإيمان الكاذبة، والفساد السياسي، والسكر، والقمار، والغش في المعاملات، والخداع والتحايل في المحاكم، والخنوع في رجال الدين، ومحبة العالم بين الكويكرز، واختلاس أموال البر سراً (١٨). وتلك شنشنة نعرفها منذ القدم.
وكان التمييز بين الجنسين يومها كما هو اليوم غير كامل إطلاقاً. فحاول بعض النساء أن يكن رجالاً، وكدن ينجحن في هذه المحاولة؛ ونسمع عن حالات تنكر فيها النسوة في هيئة الرجال واحتفظن بهذا المظهر الخداع حتى مماتهن؛ والتحق بعضهن بالجيش أو البحرية بوصفهن رجالاً، وكن يسكرن ويدخن ويشتمن الرجال، ويقاتلن في المعارك، ويحتملن الجلد بشجاعة الرجال (١٩). وحوالي ١٧٧٢ انتشر الغنادير Macaronis في شوارع لندن. وكانوا شباناً أرسلوا شعورهم في خصلات معقوصة طويلة، يلبسون ثياباً غالية ذات ألوان لافتة للنظر و "يعاشرون البغايا بغير حرارة"، وقد وصفهم سلوين بأنهم "ضرب من الحيوان لا هو بالذكر ولا بالأنثى، ولكنه جنس بين بين"(٢٠) وكان للواط مواخيره، رغم أن الأفعال الجنسية الشاذة كان عقابها الإعدام إن اكتشفت وثبت ارتكابها.