وحصانتها، وجاء إلى فرنسا بالمخلفات المقدسة، وحملها على كتفيه في موكب فخم؛ وأنقذ البابوية من الملوك اللمبارد، ومنحها سلطات زمنية واسعة في عهده المعروف باسم "عطية بيبين"(٧٥٦)، وقنع بأن ينال في نظير هذا لقب "النبيل الروماني" وتحذيراً من البابا للفرنجة بألا يختاروا ملكاً إلا من سلالته. وتوفي بيبين في عنفوان قوته عام ٧٦٨ بعد أن أوصى بملكه الفرنجة لولديه كارلومان Carloman الثاني وشارل الذي أصبح فيما بعد شارلمان على أن يحكماها معاً.
[٢ - شارلمان]
٧٦٨ - ٨١٤
ولد أعظم ملوك العصور الوسطى عام ٧٤٢ في مكان غير معروف. وكان يجري في عروقه الدم الألماني وينطق باللسان الألماني، ويشترك مع قومه في بعض الصفات-قوة الجسم، والبسالة ورباطة الجأش، والافتخار بالأصل، والبساطة الخشنة التي تفصلها مئات السنين عن رقة الفرنسيين الحضرية المصقولة. وكان قليل العلم بالكتب وما فيها، لم يقرأ منها إلا عدداً قليلاً، لكن ما قرأه منها كان من خيارها، وحاول في شيخوخته أن يتعلم الكتابة باللغة التيوتونية القديمة واللاتينية الأدبية، وكان يفهم اللغة اليونانية (٢٠).
ولما مات كارلون الثاني في عام ٧٧١ انفرد شارل بالحكم وهو في التاسعة والعشرين من عمره. وبعد سنتين من انفراده به بعث إليه البابا هدريان الثاني بدعوة عاجلة ليساعده على دسديريوس Desiderius اللمباردي الذي كان وقتئذ يغزو الولايات البابوية. ولبى شارلمان الدعوة وحاصر بافيا واستولى عليها، ولبس تاج لمباردي، وأيد عطية بيبي، وارتضى أن يكون حامي الكنيسة، جميع سلطاتها الزمنية. ولما عاد إلى عاصمة في آخن بدأ سلسلة من الحروب عدتها ثلاث وخمسون -قادها كلها تقريباً بنفسه- يهدف بها إلى تأمين