للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يستغرق في النوم حالماً يمس رأسه الوسادة .. لا ينام الآن أبداً أكثر من ساعة دون أن يصحو؛ والذي كان على المائدة ينسى دائماً أنه وزير، وكان أكثر مرحاً وخلواً من الهموم من جميع رفاقه، يجلس الآن دون كلام، وعيناه جامدتان، ساعة بطولها (٥٠) ". وجاءت الانتخابات الجديدة ببرلمان معاد له عداء ساحقاً، فهزمه في أمر قليل الشأن، وفي ١٣ فبراير ١٧٤٢ استقال. وإذ كان أعجز من أن يواجه صخب مجلس العموم، فإنه لم يجد مشقة في إقناع جورج الثاني بأن يمنحه لقب ايرل أكسفورد، ويوصفه هذا هبط صعداً إلى مجلس اللوردات. وكان قد جمع ثروة طائلة تحسباً ليوم سقوطه.

ومات في ١٨ مارس ١٧٤٥ بالغاً الثانية والستين، بعد أن تجلد لمرض طويل مؤلم. وودعت إنجلترا السلام، وانطلقت لتغزو العالم بزعامة "بت" بعد "بت".

[٦ - أرلندة]

١٧١٤ - ١٧٥٦

لم يعرف التاريخ أمة ظلمت كما ظلم الإيرلنديون، إلا فيما ندر. فطوال الانتصارات المتكررة التي أحرزتها الجيوش الإنجليزية على الثورات الوطنية، شُرّعت مجموعة من القوانين قيدت الإيرلنديين بالأغلال جسداً وروحاً. فصودرت أرضهم حتى لم يبق غير حفنة من الملاك الكاثوليك، وامتلكتها كلها تقريباً بروتستنت عاملوا فلاحيهم معاملة العبيد. يقول تشسترفيلد "إن الفقراء في إيرلندة يلقون من الملاك والسادة معاملة أسوأ مما يلقاه الزنوج (٥١) ". ويقول ليكي "لم يكن من الغريب في إيرلندة أن يكون للكبار ملاك الأراضي سجون دائمة في بيوتهم لعقاب الطبقات الدنيا عقاباً عاجلاً (٥٢) ". وكان كثير من الملاك يعيشون في إنجلترا، وينفقون فيها (حسب تقدير سويفت) ثلث الإيجارات التي يدفعها المستأجرون الإيرلنديون (٥٣). أما المستأجرون-الذين طحنتهم الإيجارات التي يؤدونها للمالك، والعشور التي يؤدونها للكنيسة الرسمية التي يمقتونها، والفروض التي يؤدونها لقساوستهم-فكانوا يسكنون أكواخاً من الطين يرشح الماء من سقوفها، ويمشون نصف عراة، ويتضورون جوعاً في أكثر