للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هؤلاء تربّحوا بتوظيف أموالهم في الشركات التي كانت تبيع البضائع المغشوشة للجنود الفرنسيين. وقد زين نابليون نشرات الحرب التي كان يوزعها داخل جيشه بالمبالغات وإخفاء الحقائق، واستنزف ثروات الأمم المهزومة وسلب أعمالها الفنية بغير حق وراح يتفكّر مليا في بعض الأخلاق والقيم الفرنسية من جديد.

[٤ - الأخلاق والسلوك]

إنَّ الثورة الفرنسية - بتحطيمها للسلطة السياسية والسلطة الأبوية (قوامة الآباء على الأبناء) وبتدميرها للمعتقد الديني (الكاثوليكي) قد أطلقت غرائز أفراد الشعب الفرنسي من عقالها وتركتها بلا ضابط، وكان هذا الانفلات فاجعاً مأسوياً في العاصمة وإن اتَّسم بالاعتدال في الدوائر (المحافظات)، فوجد القانون ورجاله أنفسهم يناضلون ضد الفوضى والجريمة. وصمّم نابليون - الذي كان هو نفسه مارقاً غير ملتزم بالقانون - أن يعيد ترسيخ القيم الأخلاقية والانضباط السلوكي كأمر حيوي لإعادة بعث فرنسا والرضا لشعبها والنجاح لحكمه.

لقد أوضح بجلاء أنه سيراقب بعين يقظة كل العلاقات والارتباطات التجارية في الحكومة ومعها، وسيعاقب بشدّة كل من يثبت عدم أمانته. والتفت نابليون معترضاً على الملابس غير المحتشمة في المجتمع وفي المسرح، ووَّبخ - رسميا - أخاه لوسيان وأخته إليزا Elisa لكشفهما جانباً كبيراً من جسميهما عند حضورهما العروض المسرحية الخاصة. وفي إحدى الحفلات المسائية عندما وجد نفسه في مواجهة مدام دي ستيل de Stael وقد ارتدت فستاناً واسع الصدر يكشف عن جانب كبير من صدرها وظهرها وكتفيها (فستان ديكولتيه decollete) انتقدها بحدِّة قائلا: "إنني أفترض أنك تربين أطفالك بنفسك"

وأصرَّ نابليون على أن يتزوّج تاليران Talleyrand من خليلته. ومدام تاليا Tallien التي كانت توجّه أخلاقيات حكومة الإدارة باستدارة وِرْكَيْها (مُثنّى ورك) اضطرت إلى التواري في الأقاليم (الدوائر أو المحافظات) وقالت جوزيفين للزنا وداعاً وابتعد بائعو القبعات النسائية عنها وشقّوا فواتيرهم. لقد كادت قوانين مدوّنة نابليون تعطي للزوج كل السلطات التي كان يتمتع بها الزوج الروماني على زوجته وأطفاله، فواصلت الأسرة وظيفتها لتحويل الحيوانات (المقصود