الأطفال) إلى مواطنين، مهما كان هذا على حساب الحرية الشخصية.
لقد كانت الحالة النفسية للعصر تعتريها معاناة من بعض الكآبة كجزء من ثمن (كان لابد من دفعه) لقاء النظام الجديد. فالمسرّات الطائشة بين الجنسين وبين الطبقات في ظل الثورة قد استسلمت لآداب المجتمع البورجوازية. ومتاعب البروليتاريا. والحواجز الطبقية التي كانت تفصل السكان بشكل صارم إلى طبقات في عهد البوربون Bourbon قد انهارت لتفتح الطريق لحمّى المنافسة التي لا تهمد في ظل فتح أبواب المناصب ومجالات العمل للكفاءات مما أدّى إلى بناء جسور بين كل الطبقات، وجعلت شباباً لا أصول لهم يتسلقون الأهرام الزَّلقة إلى ذرى السلطة. لقد كان معنى هذا أن لنابليون الحق في أن يشعر أنه في ظل حكمه، عادت الأخلاق إلى فرنسا واستعادت السلوكيات شيئاً من الاحترام واللطف الذين كانا يميزان حياة المتعلمين في فرنسا قبل الثورة.
وقد شعر أنه رغم كل الجهود لإتاحة فرص متساوية للجميع فإن شيئاً من التمييز الطبقي لابد أن يظهر كأمر لا مناص منه نتيجة الاختلافات الطبيعية في القدرات وظروف النشأة. وليجعل نابليون هذه النتيجة غير مقتصرة على مجرد الأرستقراطية الناشئة عن استحواذ الثروة، فقد أنشأ في سنة ١٨٠٢ جوقة الشرف Legion of Honor لتتكوّن من رجال تختارهم الحكومة من المميزيَّن تميزاً خاصاً في مجالاتهم: الحرب، القانون، الدين، العلوم، الدراسات الأكاديمية الفن … إلخ على أن يكون هذا الجهاز نصف ديمقراطي كما هي الحياة إذ جعله قَصْراً على الرّجال دون النساء.
وكان الأعضاء يقسمون عند انضمامهم أن يؤيدوا مبدأي الحرية والمساواة لكن سرعان ما تم تصنيفهم في ثلاثة رُتب وفقاً للجدارة أو التقسيم أو الأقدمية. وكان كل واحد منهم يتقاضى من الحكومة الفرنسية راتباً سنوياً، فإن كان من رتبة مسئول مهيب Grand officer استحق ٥،٠٠٠ فرنك وإن كان من رتبة قائد Commander استحق ٢،٠٠٠ وإن كان من رتبة مسئول officer استحق ١،٠٠٠ أما الفارس Chevalier فيستحق ٢٥٠، وللتمييز بينهم كان على كل واحد منهم أن يضع شريطاً خاصاً (وشاحاً) أو صليباً يرمز لرتبته وعندما ابتسم بعض المستشارين لمثل هذه