من يتيح للأعضاء البعيدين العودة إلى وارسو لحضور الافتتاح الجديد؛ أما النواب القريبون الذين وصلوا في الميعاد فكان أكثرهم أحرار النزعة يمكن الاعتماد عليهم في تأييد الدستور الجديد. وعرض عليهم في القصر الملكي بمجرد اجتماعهم، فقوبل بتصفيق جارف، وصدق عليه بأغلبية كبيرة. وقد تذكر البولنديون الوطنيون ذلك اليوم، الثالث من مايو ١٧٩١، في فخر واعتزاز، وخلدوه في الأدب والفن والأغاني البولندية.
[٦ - تمزيق بولندة]
١٧٩٢ - ١٧٩٥
اعترفت جميع الدول بالدستور الجديد إلا روسيا. ووصفه إدموند بيرك بأنه "أنبل امتياز نالته أمة في أي زمان" وصرح بأنه ستانسلاس الثاني قد تبوأ مكاناً في التاريخ بين عظماء الملوك ورجال الدولة (٤٨)، ولكن هذه الحماسة ربما كانت انعكاساً لابتهاج إنجلترة بهزيمة كاترين.
وأخفت الإمبراطورة حيناً عداءها لبولندة الجديدة، ولكنها لم تغفر طرد جيشها منها على عجل، ولا إحلال النفوذ البروسي محل الروسي في الشئون البولندية. فلما أنهت معاهدة ياسي (٩ يناير ١٧٩٢) حربها مع تركيا، وتحررت من الخوف من شريكيها السابقين في الجريمة-بروسيا والنمسا-لتورطهما في الحرب ضد فرنسا الثائرة (أبريل ١٧٩٢)، تلفتت حولها تبحث عن مدخل جديد إلى بولندة.
وقد هيأه لها البولنديون المحافظون، إذ وافقوا كاترين كل الموافقة على أن دستور بونياتوفسكي قد صدق عليه ديت جمع على عجل بحيث لم يستطع أشراف كثيرون حضوره. وكان فيلكس بوتوكي وغيره من الأقطاب ساخطين أشد السخط على التخلي عن حق النقض المطلق الذي ضمن لهم القوة أمام السلطة المركزية، ولم يكونوا راغبين في النزول عن حقهم في انتخاب الملك، وفي الهيمنة عليه تبعاً لذلك. ورفض بوتوكي حلف يمين الولاء للمرسوم الجديد، ثم قاد جماعة من النبلاء إلى سانت بطسبرج وطلب إلى الإمبراطورة أن تساعدهم على إعادة الدستور الأقدم (دستور ١٧٧٥) الذي