كان للرسم الملون الغلبة على النحت في إيطاليا أثناء القرن الرابع عشر، وكان للنحت الغلبة على الرسم الملون في القرن الخامس عشر، ثم عادت الزعامة مرة أخرى للرسم في أثناء القرن السادس عشر، ولعل لعبقرية ليوناردو، وروفائيل، وتيشيان في القرن الخامس عشر، نقول لعل لعبقرية هؤلاء في تلك القرون المختلفة بعض المختلفة بعض الأثر في هذا التغيير. بيد أننا نقرر هنا أن العبقرية قوة من قوى روح عصر من العصور أكثر منها سبباً من أسبابها. ولعل الكشف عن النحت القديم وما بعثه هذا الفن من وحي إلهام لم يكونا قد أصبحا في أيام جيتو حافزاً وموجها للمثالين والمصورين كما كانا لجبرتي دوناتلو. لكن هذا الحافز قد بلغ ذروة قوته في القرن السادس عشر، فلماذا إذن لم يرفع سانسوفينو Sansovino وتشيليني Cellini وأمثالها، ولم يرفع ميكل أنجيلو، فوق منزلة المصورين في ذلك العصر-ولماذا كان ميكل أنجيلو مثالا قبل كل شيء اضطر شيئاً فشيئاً إلى أن يكون مصوراً؟
فهل كان ذلك لأنه كان على فن النهضة واجبات، وكانت له حاجات، أوسع وأعمق مما كان لفن النحت؟ ذلك أن الفن، بعد أن تحرر بفضل ما نال من مناصرة مصدرها للذكاء والثراء كان يرغب في أن يشمل جميع ميادين العرض والزخرف، فإذا شاء أن يفعل هذا هن طريق التماثيل تطلب منه ذلك وقتاً، وجهداً مضنياً، وكلها عقبات لا يستطاع التغلب عليها،