للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الثامن

[الانشقاق الأكبر في الشرق]

١٠٥٤

حدث الانفصال النهائي بين الكنيستين اليونانية واللاتينية في عهد جلوس سانت ليو على كرسي البابوية. وبينما كانت أوربا الغربية تتخبط في ظلمات القرنين التاسع والعاشر، وبؤسهما وجهالتهما، وكانت الإمبراطورية الشرقية تحت حكم أباطرتها المقدونيين (٨٦٧ - ١٠٥٧)، تستعيد بعض ما استولى عليه العرب من أملاكها، وتسترد زعامتها في جنوبي إيطاليا، وتزدهر فيها الآداب والفنون من جديد. واستمدت الكنيسة اليونانية من عودة الثراء والسلطان إلى الدولة البيزنطية قوة وكرامة، فأدخلت بلغاريا وبلاد الصرب في حظيرة الكنيسة الشرقية، وقاومت بشدة لم يسبق لها مثيل ما كانت تدعيه البابوية المنحطة المعدمة من سلطان دين مطلق على العالم المسيحي. وكان اليونان في ذلك العصر ينظرون إلى المعاصرين لهم من الألمان والأنجليسكسون على أنهم أقوام من الهمج الغلاظ، وأنهم طائفة من غير رجال الدين الأميين ديدنهم العنف وتتزعمهم فئة فاسدة من رجال الدين. وكان رفض البابوية أن يكون الإمبراطور البيزنطي ملكاً على الفرنجة، واستيلاء البابوية على مقاطعة رافنا، وتتويج البابا لإمبراطور منافس لإمبراطور الشرق، واندفاع البابوية إلى إيطاليا اليونانية-كانت هذه الحادثات السياسية التي تحز في النفوس لا الاختلاف القليل بين العقائد هي التي شطرت العالم المسيحي شطرين أحدهما شرقي والآخر غربي.

ففي عام ١٠٤٣ عين ميخائيل كرولاريوس Cerularius بطريقاً للقسطنطينية. وكان كرولاريوس هذا رجلاً من أسرة نبيلة، واسع الثقافة، حاد الذهن، قوي العزيمة. وكان في الأصل راهباً ولكن الذي رفع من شأنه