للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الفصل الثامن

[المسرح]

منزلته الوضيعة في الصين - منشؤه - المسرحية - النظارة - الممثلون - الموسيقى

ليس من السهل أن نقسم المسرحيات الصينية أقساماً جامعة مانعة، لأن الصينيين لا يقرون أن التمثيل أدب أو فن، وليس للتمثيل في الصين منزلة تتناسب مع ما يتمتع به من انتشار واسع بين طبقات الشعب، وشأنه في هذا شأن كثير من مقومات الحياة. من أجل ذلك لا نكاد نسمع بأسماء كُتاّب المسرحيات، والممثلون ينظر إليهم على أنهم من طبقة منحطة ولو أنفقوا حياتهم كلها في إعداد أنفسهم لهذا العمل والنبوغ فيه، ولو بلغوا فيه أعظم ما يبلغه الإنسان من الشهرة. وما من شك في أن شيئاً من هذا كان من نصيب الممثلين في جميع الحضارات، وبخاصة في العصور الوسطى، حين كان التمثيل يكافح للخروج من دائرة التمثيل الديني الصامت المضحك الذي نشأ منه وتفرع عنه.

وكان هذا بعينه منشأ المسرح الصيني. فلقد كانت الطقوس الدينية في عهد أسرة جو تشمل أنواعاً من الرقص المصحوب بالمخاطر. ويقال أن هذا الرقص قد حرم فيما بعد لأنه أصبح مدعاة للفساد الخلقي، ولعل هذا التحريم الذي فصل الرقص عن المراسم الدينية هو الذي نشأ منه التمثيل غير الديني (٧٦). وشجع منج هوانج قيام هذا النوع المستقل من التمثيل كما شجع كثيراً من الفنون الأخرى، وذلك بأن جمع حوله طائفة من الممثلين والممثلات أطلق عليهم اسم: "فتيان حديقة الكمثرى". غير أن المسرح لم يصبح نظاماً قومياً معترفاً به إلا في عهد كوبلاى خان. ذلك أنه لما اختير كونج دوْفو - وهو من سلالة كنفوشيوس - في عام ١٠٣١ م ليكون مبعوثاً صينياً إلى البلاط المغولي استقبل فيه باحتفال عظيم شمل فيما