لا يفهمون من الموسيقى غير القليل جداً (٢١)". وكان يستثني الآنسة فل، التي تغني بحنجرة بديعة. ووافق جريم روسو وديدرو على طلب "الرجوع إلى الطبيعة" في الأوبرا، وتزعم ثلاثته الحزب الإيطالي في "حرب المهرجين" تلك التي كانت قد بدأت بتقديم أوبرا تهريجية مثلتها فرقة إيطالية في باريس. وقد سبقت الإشارة إلى هذا الجدل الذي نشب بين المذهبين الموسيقيين الفرنسي والإيطالي، ولم يكن قد انتهى بعد، فمازال ديدرو يخوض حرب المهرجين في قصته "ابن أخي رمو"، وفي "حديث ثالث حول الابن الطبيعي" (١٧٥٧) وطالب بمنقذ يخلص الأوبرا الفرنسية من الخطب الطنانة والأساليب المفتعلة "ألا فليتقدم ذلك الذي عليه أن يعرض المأساة الصحيحة، والملهاة الصحيحة؛ عن المسرح الغائي؛ وضرب مثلاً لنص صالح "إفجينا في أوليس" لبوربيديس (٢٢). ترى هل سمع هذا النداء جلوك، الذي كان يومها في فينا؛ أما فولتير فقد كرره في ١٧٦١ متنبئاً:
"أننا نأمل أن يظهر عبقري أوتي من القوة ما يحول بين الأمة عن هذه الآفة (آفة التصنع والتكلف) ويضفي على الإخراج المسرحي … الكرامة والروح الخلقية التي يفتقر إليها الآن … أن سيل الذوق الفاسد متدفق؛ وهو يغرق على غير وعي منا ذكرى ما كان يوماً ما مجد هذه الأمة. ولكنني أكرر ثانية: يجب إرساء الأوبرا على أساس مختلف؛ حتى لا تعود مستأهلة لذلك الاحتقار الذي تنظر به إليها كل أمم أوربا (٢٣) ".
وفي ١٧٧٣ وصل جلوك إلى باريس، وفي ١٩ إبريل ١٧٧٤ قاد هناك أول أداء فرنسي "لافجينيا في أوليس". ولكن هذه القصة يجب إرجاؤها إلى حينها المناسب.
[٣ - المسرح]
لم تنتج فرنسا في هذه الفترة تمثيليات تتحدى النسيان-ربما باستثناء بعض التمثيليات التي بعث بها فولتير من ليدليس أو فرنيه. ولكن فرنسا منحت