كانت أعظم مآثر الحضارة البيزنطية هي الإدارة الحكومية وفن الزخرفة: فقد أقاموا دولة دامت أحد عشر قرناً من الزمان، وأنشئوا أياصوفيا القائمة في هذه الأيام.
وكان الفن الوثني قد لفظ أنفاسه الأخيرة قبيل عهد جستنيان، وكان نصف ما خلفه من الآثار قد شُوَه أو هدم. فقد بدأ تخريب البرابرة، وانتهاء الأباطرة، وتدمير الأتقياء ورجال الدين، بدأ عمل هؤلاء وهؤلاء عهداً من الإتلاف المتعمد والإهمال دام حتى قام بترارك في القرن الرابع عشر يدافع عما بقى منه في أيامه. وكان من العوامل التي زادت أعمال التخريب اعتقاد الجماهير أن الآلهة الوثنية شياطين، وأن الهياكل مأواها. وأياً كانت عقيدة ذلك الوقت فقد كانوا يشعرون أن مواد هذه الآثار الفنية يمكن أن ينتفع بها على خير وجه في تشييد الكنائس المسيحية أو أسوار المنازل، وكثيراً ما كان الوثنيون أنفسهم يشاركون المسيحيين في أعمال التدمير. وقد بذل بعض الأباطرة، وخاصة هونوريوس وثيودوسيوس الثاني، كل ما في وسعهم لحماية المنشئات القديمة (٣٤)، وأبقى المستنيرون من رجال الدين على البارثنون، وهيكلثسيوس، والبارثينون، وغيرها من الصروح بأن أعادوا تدشينها بوصفها أضرحة مسيحية.
وكانت المسيحية في بادئ الأمر ترتاب في الفن وتراه عماداًً للوثنية، وعبادة