كما أن كل نقطة في الكون اللانهائي يمكن أن تعد مركزاً له، كذلك نرى كل أمة وكل نفس في موكب الحضارات والدول تفسر مسرحية التاريخ والحياة تفسيراً يدور حول صفاتها هي والدور الذي قامت به فيه. وكان في شمال جبال البلقان خليط آخر من الشعوب- من البوهيميين، والبولنديين، واللتوانيين، والليفونيين، والفنلنديين، كل واحد منها يجعل تاريخه القومي المحور الذي حوله العالم كله مستمسكاً في ذلك بالعزة القومية التي تبعث الحياة في نفوس الشعوب.
وكان الفلنديون الذين تربطهم بالمجر والصرب صلات دم بعيدة، يعيشون في بداية العصور الوسطى على ضفتي نهر الفلجا الأعلى والأوكا Oka. وقبل أن يستهل القرن الثامن هاجر أولئك الأقوام إلى الأراضي الجدباء المسرحية المناظر المعروفة عند غيرهم باسم فنلندة وعندهم هم باسم السؤمي Suomi أو أرض المناقع، ولما أخذوا يغيرون على سواحل اسكنديناوة اضطر إرك التاسع Eric Ix ملك السويد إلى فتح بلادهم في عام ١١٥٧. وترك إرك أسقفاً عندهم في أبسالا لينشر بينهم الحضارة، فقتل الفنلنديون الأسقف هنري ثم اتخذوه بعد قتله قديسهم الشفيع، وأخذوا في بسالة هادئة يزيلون ويجففون المناقع، ويصرفون مياه العشرة "الآلاف بحيرة"(١٧) ويجمعون الفراء، ويجاهدون ضد الثلوج.
وأخذت قبائل قريبة في أصولها من الفنلنديين تعمل بالفأس والمجرف جنوب خليج فنلندة، وهي قبائل البروسيين Borussians أو Prussians، والإسث Esths (الإستونيين)، واللف، Livs (اللفونيين)، واللتفا Litva