للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي ابتناه في القرن السابع عشر في مكناس، وكانت آنئذ مقر سلاطين مراكش. أما مولاي إسماعيل هذا فقد أقر النظام في حكمه الذي امتد خمسة وخمسين عاماً (١٦٧٢ - ١٧٢٧) وأنجب مئات الأبناء، ورأى في منجزاته ما يبرر طلب يد ابنة للويس الرابع عشر يضمها إلى حريمه (٢٠). ويصعب علينا أن نسيغ أساليب حياة شديدة التباين ن أساليب حياتنا، ولكن قد يعيننا على ذلك أن نتذكر ملاحظة قالها رحالة مغربي عند عودته من زيارة إلى أوربا "يا لها من متعة أن يعود المرء إلى الحضارة" (٢١).

[٣ - الإسلام في فارس]

١٧٢٢ - ١٧٨٩

ولو سئل رجل فارسي في هذه الحقبة لأعرب عن شعوره بالراحة شبيه بهذا عند عودته إلى وطنه بعد مقامه حقبة في الأقطار المسيحية أو حتى في أقطار العثمانيين المسلمين. فالفارسي المتعلم حتى سقوط الدولة الصفوية (١٧٣٦) في أغلب الظن كان يضع المدنية الإيرانية في مرتبة أعلى من أي حضارة معاصرة، ربما باستثناء الصينية. وكان يستنكر النصرانية باعتبارها انتكاساً غلى الشرك الشائع بين العوام. ولعله كان يسلم بتفوق بلاد النصارى في العلوم والتجارة والحرب، ولكنه كان يؤثر الفنون على العلوم، والحرف اليديوة على الصناعة المميكنة.

كان القرن الثامن عشر قرناً أليماً على فارس. فأنى لإيران وقد غزاها الأفغانيون من الجنوب الشرقي، ولاحقتها غارات قناصة العبيد من الأزبك في الشمال الشرقي، وهاجمتها غارات السلب والنهب الروسية في الشمال، واجتاحتها المرة بعد المرة الجيوش التركية في الغرب، وأفقرها طغيان نادر شاه ملكها المحب للأبهة وتعسفه في جميع الضرائب، ومزق أوصالها الصراع الوحشي بين الأسر المتناحرة طمعاً في العرش الفارسي-نقول أني وكيف تستطيع إيران وقد ابتليت بهذا الاضطراب كله أو تواصل التقاليد العظمى للأدب والفن الفارسيين.

وكان البلد الذي نسميه الآن أفغانستان في القرن السادس عشر تتقاسمه