وكان شارل لا يزال مقيماً في أسبانيا يحرك منها بيادقه التي يسيطر عليها سيطرة الساحر من بعيد. ومنها أمر عماله بأن يحشدوا جيشاً جديداً. فاتصل هؤلاء بجورج فن فرندنسبرج الزعيم التيرولي المغامر، الذي كانت جنوده الألمانية المرتزقة قد ذاعت شهرتها في الآفاق. ولم يكن في وسع شارل أن يعرض على هذا الزعيم المغامر وجنوده إلا القليل من المال، ولكن عماله منوهم بالنهب الكثير في إيطاليا. وكان فرندسبرج لا يزال كاثوليكيا بالاسم، ولكنه كان شديد العطف على لوثر، ويكره كلمنت لأنه في رأسه عدو الإمبراطورية اللدود. ورهن هذا الزعيم المغامر قصره وسائر أملاكه، وحتى حلى زوجته نظير مبلغ ٣٨. ٠٠٠ جولدن (١). واستطاع بهذا المال أن يجمع عشرة آلاف من الرجال الراغبين أشد الرغبة في المغامرة والنهب، ليس منهم من يتردد أن يحطم حربته فوق رأس البابا؛ ويقال إن منهم من كان يحمل حبلا معقوداً ليشنقه به (٣٢). وفي نوفمبر من عام ١٥٢٦ عبر هذا الجيش المرتجل الجبال وزحف على بريشيا، وجازى ألفنسو دوق فيرارا البابوية على ما بذلته من جهود متكررة لخلعه، بأن أرسل إلى فراندسبرج أربعة من أقوى مدافعه. وحدثت مع الغزاة مناوشة بالقرب من بريشيا أصيب فيها جيوفني دلي باندي بالرصاص؛ ومات في مانتوا في ٣٠ نوفمبر وهو في السادسة والعشرين من عمره. ولم يبق بعد وفاته من يمنع دوق أربينو من أن يفعل أي شيء يريد.
(١) عملة ألمانية وهولندية قديمة تعادل الفلورين، أي ما يقرب من نصف جنيه. (المترجم).