اللاتينية، ولا يعرف شيئاً من اليونانية، بيد أنه أدهش الكثيرين بتنوع معارفه ودقتها عن الزراعة والصيد والجغرافية والعلوم الحربية والأدب والفن، وكانت الفلسفة تلذ له عندما لا تتعارض مع الحب أو الحرب. وكان شديد التهور والاندفاع إلى درجة لا يصلح معها قائداً عظيماً، خفيف الروح يعشق المتعة إلى حد لا يصلح معه لأن يكون سياسياً كبيراً، وكانت تسحره المظاهر فلا ينفذ إلى جوهر الأمور. ويتأثر في لطف بالخلان والحظايا فلا يستطيع أن يختار أصلح مَن لديه من القادة والوزراء، وكان شديد الصراحة لا يخفي أمراً إلى حد لا يصلح معه لأن يكون دبلوماسياً قديراً. وحزنت أخته مرجريت بسبب عجزه عن الحكم، وتنبأت بأن الإمبراطور الداهية العنيد سوف يزيحه عن فرسه في مقارعتهما التي دامت مدى الحياة، أما لويس الثاني عشر الذي كان يعجب به "بوصفه شاباً شهماً رقيقاً". فقد رأى في توجس إفراط خلفه في الملذات، وقال:"لا فائدة من كل ما نعمل، إن هذا الولد العظيم سوف يفسد كل شيء"(١٠).
[٢ - فرنسا]
في عام ١٥١٥
كانت فرنسا وقتذاك تنعم برخاء تجود به تربة سخية، ويتحقق على يد شعب ماهر يحسن التدبير وحكم خير، وكان عدد السكان زهاء ١٦. ٠٠٠. ٠٠٠ نسمة في مقابل ٣. ٠٠٠. ٠٠٠ نسمة في إنجلترا و ٧. ٠٠٠. ٠٠٠ في أسبانيا. وكانت باريس بسكانها البالغ عددهم ٣٠٠. ٠٠٠ نسمة تعد أكبر مدينة في أوربا بعد القسطنطينية. وكان البناء الاجتماعي نصف إقطاعي: فكل الفلاحين تقريباً كانوا يملكون الأرض التي يفلحونها، ولكنهم كانوا يحتفظون بها عادة في إقطاع من الأرض - وكانوا يدفعون مكوساً أو يؤدون خدمات - لسادة وفرسان مهمتهم تنظيم الزراعة وتقديم الحماية العسكرية لإقليمهم وللأمة. وأدى التضخم الناتج من تكرار خفض العملات والتعدين