كانت الكنيسة في القرن الرابع عشر تعاني الذل السياسي والانهيار الخلقي. لقد بدأ أول عهدها يحدوها الإخلاص العميق والولاء الذي اتصف به بطرس وبولس ثم نمت وأصبحت نظاماً جليلاً يعمل على تهذيب الأسرة والمدرسة والمجتمع والعالم بأسره وينشر حسن النظام وكريم الأخلاق. أما الآن فقد أخذت تنحط حتى لم يعد لها هم إلا المحافظة على مصالحها المكتسبة وكل ما تعنى به هو المحافظة على بقائها وأموالها. وقد استطاع فليب الرابع أن يعمل على اختيار رجل فرنسي للبابوية، وأقنعه بأن ينقل الكرسي البابوي إلى مدينة أثنيون على نهر الرون. وظل البابوات بعدئذ ثمانية وستين عاماً بيادق وسجناء في أيدي فرنسا وسرعان ما أخذ الاحترام الذي كانوا يلقونه من تلك الأمم ينقص تدريجاً، كما أخذت مواردهم ينضب معينها. وشرع البابوات من ضيقهم يملأون خزاناتهم بالمال يحصلون عليه بفرض الضرائب التي لا عداد لها على رجال الدين وعلى الأديرة والأبرشيات. وكانوا يطلبون إلى كل رجل يعينونه في مناصب الكنيسة الإدارية نصف ما يحصل عليه من منصبه في العام الأول ثم عشر ما يحصل عليه منه في الأعوام التالية. وكان على كل كبير أساقفة أن يؤدي إلى البابا مبلغاً كبيراً من المال نظير الطيلسان وهو شريط من الصوف الأبيض يلبسه كبير الأساقفة ويعد رمزاً لسلطانه وتوكيداً له. وإذا مات كردنال أو كبير أساقفة أو أسقف أو رئيس دير عادت أملاكه إلى البابوية، وفي خلال الفترة الواقعة بين موت أحد رجال الدين وتعيين خلفه كان البابوات يستولون على إيراد منصبه، وكانوا