للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الثاني

[موسيقى الشعب]

وظهرت الرغبة في الوزن في مائة صورة من الموسيقى والرقص غير الدينيين. وكان لدى الكنيسة من الأسباب ما يجعلها تخشى هذه الغريزة إذا لم تفرض عليها رقابة. وكان من الطبيعي أن تتحالف هذه الرغبة مع الحب مصدر الأغاني والمنافس القوي للدين من هذه الناحية. وكانت النزعة الأرضية القوية التي تغلب على عقول العصور الوسطى في غيبة القسيس مما يميل بتلك العقول إلى التحرر في النصوص وإلى البذاءة فيها في بعض الأحيان، تحرراً وبذاءة ارتاع لها رجال الدين وأثار المجامع الدينية إلى إصدار قرارات لم يكن لها أثر. وكان المتعلمون الجوالون يلقون في تجوالهم أو يؤلفون في أثنائها أهازيج في النساء والخمر، ويقلدون الطقوس المقدسة تقليداً ساخراً معيبا. ونشرت مخطوطات تحتوي مقطوعات موسيقية جدية تلحن الألفاظ المرحة لقداس السكيرين، كما نشر كتاب صلوات الصخابين (١٣). وكانت أغاني الحب كثير كما هي في هذه الأيام، وكان منها ما هو في رقة ابتهالات الحور وحنانها، ومنها ما هو حوار للإغواء تصحبه نغمات رقيقة. ولا حاجة إلى القول بأنه كانت في ذلك الوقت أغان حربية، يقصد بها الوصول إلى الوحدة عن طريق إيجاد الأصوات، أو تحث على طلب المجد بالألفاظ الموزونة التي تسلب الحس. وكانت بعض الموسيقى أغني شعبية وضعها عباقرة غير معروفين، وادعاها عامة الشعب- أو لعلهم نقلوها عن مؤلفيها، كما كان البعض الآخر من الموسيقى الشعبية ثمرة قرائح محترفين ماهرين يستخدمون كل ما تعلموه في أوراد الكنيسة من فنون الموسيقى المتعددة الأصوات. ووجد