وعليه ففي ديسمبر أرسل فردريك مبعوثاً إلى ماريا تريزا يعرض عليها حمايته إذا أقرت مطالبه في شطر من سيليزيا. وإذ توقع رفضها لهذا الغرض، فإنه أمر شطراً من جيشه يبلغ ثلاثين ألف مقاتل بالزحف. فعبر الحدود إلى سيليزيا في ٢٣ ديسمبر قبل وصول مبعوث فردريك إلى فيينا بيومين. وهكذا بدأت الحرب السيليزية الأولى (١٧٤٠ - ٤٢)، وهي أولى مراحل حرب الوراثة النمساوية.
[٤ - حرب الوراثة النمساوية]
١٧٤٠ - ١٧٤٨
لن نتتبع فردريك في كل تحركاته العسكرية، لأن هذا الكتاب تاريخ للحضارة. ولكن يهمنا طبيعة الإنسان وسياسة الدول كما تكشف عنهما أقوال فردريك وأفعاله، والسياسات المتقلبة للدول. ولعل حقائق سياسة القوة لم تقر في أي حرب مدونة بأوضح مما تعرت في هذه الحرب.
اخترق الجيش البروسي سيليزيا دون أن يلقى مقاومة تذكر. فأما النصف البروتستنتي من السكان، وهم الذين عانوا بعض الاضطهاد في ظل الحكم النمساوي، فقد رحبوا بفردريك محرراً لهم؛ (٧٤) وأما الكاثوليك فقد تعهد لهم-وأوفى بعهده-بكامل الحرية في ممارسة دينهم. وفي ٣ يناير ١٧٤١ استولى على برزلاو في هدوء. وهو يؤكد لنا أنه "لم ينهب بيت، ولم يهن مواطن، وقد أشرق النظام البروسي بكل بهائه"(٧٥)؛ وكان هذا أرق وأرفق استيلاء على مدينة. وأمرت ماريا تريزا المرشال نايبيرج بأن يجمع جيشاً في مورافيا ويعبر إلى سيليزيا؛ وفي ١٠ أبريل اشتبك هذا الجيش بقوة فردريك السيليزية الرئيسية في مولفتش، على عشرين ميلا جنوبي برزلاو. وكانت عدة جيش نايبيرج ٨. ٦٠٠ فارس، و ١١. ٤٠٠ راجل، و ١٨ مدفعاً، وعدة فردريك ٤. ٠٠٠ فارس و ١٦. ٠٠٠ راجل، وستين مدفعاً، وقد قررت هذه الفروق مراحل المعركة ونتائجها. فغلب الفرسان النمساويون الفرسان البروسيين الذين لاذوا بالفرار. وأقنع المرشال شفرين فردريك بأن يفر مع الفارين مخافة أن يؤسر ولا يفرج عنه إلا بفدية مدمرة. ولكن بعد أن ذهب الملك وفرسانه، صمد المشاة البروسيون لجميع الهجمات