لم يكن الرومان بطبعهم شعباً فنياً، فقد كانوا قبل أغسطس محاربين وكانوا بعده حكاماً، يرون أن استقرار النظام واستتباب الأمن على أيدي الحكام خير أعظم وواجب أنبل من الخلق والجمال أو الاستمتاع به. وكانوا يبتاعون أعمال الأساتذة الموتى بأعلى الأثمان، ولكنهم كانوا يحتقرون الفنانين الأحياء ويحشرونهم في زمرة الخدم. ومن اقوال سنكا وهو الرجل الرحيم الشفيق:"إنا وإن كنا نعبد التماثيل لنحتقر الذين يصنعونها"، وكان يبدو لهم أن أشرف سبل الحياة سبيل القانون والسياسة؛ أما الفنون البدوية فكان أشرفها لديهم الزراعة (إذا صح أن تعد الزراعة فناً من الفنون). وكان معظم رجال الفن في رومة، إذا استثنينا المهندسين المعماريين، من اليونان الأرقاء أو المحررين أو المستأجرين، وكانوا كلهم يعملون بأيديهم ويعدون من طبقة الصناع، ولم يعن المؤلفون اللاتين قط بذكر أسمائهم أو حوادث حياتهم، ومن أجل هذا يكاد رجال الفن الروماني كلهم أن يكونوا مجهولي الأسماء، فليس ثمة شخصيات حية تصبغ تاريخه صبغة إنسانية أو تضيئها كما يضيء ميرون Myron، وفدياس،