كتاب قصة الحضارة

العلم في عصر جاليليو - ٢ - انتقال المعرفة - ج: 30 - ص: 229

المدارس، وفتحت الجامعات، وأسهم المكافحون الصابرون سنة بعد أخرى، بوضع لبنة في البناء الناشئ، بناء العلم والمعرفة. وفي مائة من المدن عكف المحبون للإطلاع على اختبار الفروض بالتجارب. وتقلص نطاق ما هو خارق للطبيعة ببطء، ونما نطاق ما هو طبيعي ودنيوي. أنه تاريخ موضوعي مجرد قاتم، مؤلف من شظايا، وهو أعظم مسرحية في الأزمنة الحديثة.

[٢ - انتقال المعرفة]

إن الأبطال الأولين هنا هم الطابعون الناشرون الذين غذوا مجرى المداد الذي تدفقت منه المعرفة من عقل إلى عقل، ومن جيل إلى جيل. واستأنفت دار أستين الكبيرة للنشر، نشاطها في جنيف على يد هنري استين الثاني، وفي باريس بفضل روبرت استين الثلث. ونشأت أسرة مثل هذه (نحو ١٥٨٠) في ليدن كان على رأسها لويس الزفير، ونهض أبناؤه الخمسة وحفداؤه وابن لأحد حفدته، بالعمل، وحملت اسمهم طريقة معينة للطباعة. وفي زيوريخ اكتسب كريستوفر فروشير شهرة في تاريخ الطباعة والثقافة بطبعاته الدقيقة للكتاب المقدس.

وهيأت دور الكتب مأوى جديداً للذخائر القديمة. ولقد عرفنا مكتبة بودليان في أكسفورد ومكتبة الاسكوريال، ومكتبة امبروزيانا في ميلان (١٦٠٦). وضمت كاترين دي مديتشي كثيراً من المجلدات والمخطوطات إلى ما يعرف الآن بالمكتبة الوطنية. وبدا لافلين أن مكتبة الفاتيكان الجديدة التي أسسها البابا سكستس الخامس (١٥٨٨) "هي أفخم وأجمل وأحسن مكتبة أثاثاً في العالم" (٢٩).

وبدأ ظهور الصحف: ففي ١٥٠٥ كانت صحيفة "الأخبار" تطبع في ألمانيا، في ورقة واحدة، بشكل متقطع. وما جاء عام ١٥٩٩ حتى كانت