لقد سار الترف في المنزل أسرع من سير الترف في الملابس، وحسبنا أن نذكر من بين مظاهر الترف التي كانت تزدان بها القصور في عصر نيرون أرضها المصنوعة من الرخام والفسيفساء، وأعمدتها المقامة من الرخام والمرمر والجزع المختلف الألوان، وجدرانها المزدانة بالصور الزاهية أو المطعمة بالحجارة الغالية الثمن، وسقفها المصفحة بالذهب (٧١) أو المغطاة بألواح الزجاج السميك (٧٢)، ونضدها المصنوعة من خشب الليمون وأرجلها من العاج، وآرائها المنقوشة بأصداف السلاحف أو العاج أو الفضة أو الذهب، والاستبرق الإسكندري أو الأغطية البابلية التي كان يدفع فيها الأثرياء العاديون ثمانمائة ألف سسترس ويدفع فيها نيرون أربعة ملايين (٧٣)، والأسرة البرونزية ذات الكلال، والثرييات من البرونز أو الرخام أو الزجاج، والتماثيل، والصور الملونة، والتحف الفنية، والمزهريات المصنوعة من البرونز الكورنثي أو الزجاج المرهيني؛ حسبنا أن نذكر هذه ليتبين القارئ ما كان ينعم به الأثرياء في ذلك العهد.
لقد كانت القصور أشبه الأشياء بالمتاحف، وكان لا بد من استيراد العبيد ليحرس بعضهم هذه الثروة الطائلة، ويحرس البعض الآخر هؤلاء الحراس؛ وكان في بعض البيوت أربعمائة من هؤلاء العبيد، يخدمون صاحب البيت وأسرته، أو يشرفون على بيته، أو يشتغلون ببعض الصناعات المنزلية؛ وكانت حياة الرجل حتى في أخص خصائصها يطلع عليها هؤلاء العبيد. لقد كان يأكل والأتباع عن يمينه وشماله، ويخلع ملابسه وعند كل حذاء من حذاءيه عبد، ويضطجع ليستريح وعند كل باب