ومن ثم أجبنا التماسك ونحن راضون ومستعدون لكي نعلن محبتنا الشديدة لك عندما تهيئ الفرصة إما بنفسك أو عندما تسنح بطريق الصدفة. ونظن بحق أن جهدك المقدس الذي يبذل باستمرار للصالح العام سوف يلقى تشجيعاً وقدراً عظيماً من الاهتمام بمكافآت مناسبة".
ولعلها كانت رشوة حكيمة لسلوك حسن، ولعلها كانت لفتة صادقة من بلاط متسامح إنساني، وفي أية حالة فإن أرازموس لم ينس قط هذه المجاملة البابوية وسوف يجد دائماً من الصعب أن يتحلل من كنيسة تحملت في صبر لذع نقده.
[٥ - الفيلسوف]
وعند عودته إلى بروكسل وجد نفسه فريسة الإغراء بالتمسك بالحرص نظراً لما استقبل به من ترحاب ودي في البلاط الملكي. وأخذ منصبه كمستشار خاص بجد، ونسي أن المؤلفين اللامعين قلما تتوفر فيهم صفة الحنكة السياسية. وألف في عجلة عام ١٥١٦ الحافل بالأعمال كتابه: "تربية أمير مسيحي" الذي يفيض بالتفاهات التي كانت سائدة قبل ظهور كتاب ميكافيلي عن السلوك الذي يجب أن يتبعه ملك. وكتب في إهدائه لشارل بصراحة تتسم بالجرأة: "إنك تدين للعناية الإلهية في الفوز بمملكتك دون الإضرار بأحد ولسوف تظهر حكمتك على الوجه الأكمل إذا استطعت أن تحافظ فيها على السلام والهدوء". وكان ارازموس، مثل معظم الفلاسفة، يعد الملكية أهون الأشكال الحكومية شراً، وكان يخشى الشعب ويعده "وحشاً متقلباً متعدد الرؤوس". وكان يستنكر مناقشة الشعب للقوانين والسياسة ويرى أن فوضى الثورة أسوأ من أي استبداد للملوك، بيد أنه أشار على أميره المسيحي أن يتقي شر تركيز الثروة، فالضرائب لا تفرض إلا على الكماليات، ويجب تقليل الأديرة وزيادة المدارس، وعلاوة على كل هذا يجب ألا ينشب قتال