إذا ما عدنا الآن إلى تسكانيا وجدنا أن فلورنس قد فعلت ما فعلته باريس في هذه الأيام، فاستحوذت على مواهب الأقاليم التابعة لها، ولم تترك فيها إلا شخصا هنا وشخصاً هناك يستوقفنا في طريق عودتنا إليها، وقد ابتاعت لوكا عهداً باستقلالها الذاتي من الإمبراطور شارل السادس (١٣٩)، واستطاعت أن تبقى مدينة حرة إلى أيام نابليون. وكان أهل لوكا يفخرون بكتدرائيتهم الباقية من القرن الحادي عشر، واكن من حقهم أن يفخروا بها، وقد احتفظوا بها بتجديد بنائها المرة بعد المرة، وجعلوها متحفاً حقاً للفنون، وهي الآن متعة للعين والروح بما حوته في مواضع الترنيم من مقاعد جميلة (١٤٥٢)، وزجاج ملون (١٤٨٥)، وبصورة عميقة أعظم من صورة العذراء مع القديس استيفن والقديس يوحنا المعمدان (١٥٠٩)، وبعدد من الصور المتتابعة الجميلة من صنع ماتيو تشفيتالي Matteo Civrtali ابن لوكا نفسها.
وفضلت بستويا فلورنس على الحرية، ذلك أن الصراع بين البيض والسود قد أشاع الاضطراب في المدينة، فلجأت الحكومة إلى مجلس السيادة في فلورنس أن يتولى هو شئونها (١٣٠٦)، وشرعت بستويا من