للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يطبقها حين طلب إليه وضع دستور لبولندا أو كورسيكا. ولو أنه مضى في خط التغير الذي اتبعه بعد عام ١٧٦٢ لانتهى به المطاف إلى حضن الأرستقراطية، والكنيسة، وبما تحت سكين الجيلوتين.

[٢ - إميل]

أ - تربيته

في وسعنا أن نغتفر الكثير لكاتب استطاع في خمسة عشر شهراً أن يصدر "هلويز الجديدة" (فبراير ١٧٦١) و "العقد الاجتماعي" (إبريل ١٧٦٢)، و "إميل" (مايو ١٧٦٢). وقد نشر ثلاثتها في أمستردام، ولكن "إميل" نشر في باريس أيضاً بإذن من الحكومة حصل عليه مالزيرب العطوف بمخاطرة كبيرة. ومن حق مارك-ميشيل راي، الناشر الأمستردامي، علينا أن نحييه تحية عابرة، ذلك أنه بعد أن كسب أرباحاً لم يتوقعها من هلويز أوقف على تريز معاشاً سنوياً مدى الحياة قدره ٣٠٠ جنيه، وإذ تنبأ لإميل برواج أعظم من "العقد الاجتماعي" (الذي كان قد اشتراه بألف جنيه) دفع لجان-جاك ستة آلاف جنيه نظير المخطوطة الجديدة الأطول من سابقتها.

أما الكتاب فكان بعضه ثمرة مناقشاته مع مدام ديينيه عن تربية ولدها، واتخذ أول شكل له في مقال صغير كتب-ليسر أمة قادرة على أن تفكر-وهي مدام دشنونسو، ابنة مدام دويان. وقد قصد به روسو أن يكون تذليلاً لقصته "هلويز الجديدة": فكيف ينبغي أن ينشأ أبناء جولي؟ وخامره الشك لحظة في صلاحية رجل أودع كل أطفاله في ملجأ للقطاء، وفشل معلماً خاصاً في أسرة مابليه، للكلام في موضوع الأبوة والتربية. ولكن كعادته وجد لذة في إطلاق حبل خياله على غاربه دون أن يعوقه معوق من التجربة. ودرس مقالات "مونتيني" و "تليماك فينيلون"، ورسالة في الدراسات لرولان، وكتاب لوك "خواطر في التربية". وكان "مقاله" الأول تحدياً له، لأنه صور الإنسان خيراً بفطرته ولكن أفسدته الحضارة بما فيها التربية. فهل في الإمكان الاحتفاظ بهذا الخير الفطري وتنميته بالتربية