للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الرابع

[الإنسانيون]

لقد كان حكم آل مديتشي أو كان زمانهم هو العهد الذي أستحوذ فيه الإنسانيون على عقل إيطاليا واستأثروا به، وحولوه من الدين إلى الفلسفة، ومن السماء إلى الأرض، وكشفوا فيه للجيل المندهش المنذهل عن ثراء الفكر الوثني والفن الوثني، ولقد أطلق على هؤلاء الناس الذين جنوا بالعلم جنوناً منذ ايام أريستو Ariosto (٢٢) البعيدة اسم الإنسانيين umanisti. لأنهم كانوا يسمون دراسة الثقافة القديمة الإنسانيات umanita أو الآداب الأكثر إنسانية Litera humaniores ( لا الأكثر رحمة). وأضحت الدراسة الصحيحة الخليقة بالبشر في أيامهم هي الإنسان نفسه بكل ما يكمن في جسمه من قوة وجمال، وما في حواسه ومشاعره من بهجة وألم، وما في عقله من جلال واهن، دراسته من هذه النواحي كلها كما تظهر موفورة كاملة ابعد حد في آداب اليونان والرومان وفنونهم القديمة. وهذه هي الإنسانيات.

لقد كانت الكتب اللاتينية كلها تقريباً، وكثير من الكتب اليونانية الموجودة عندنا في هذه الأيام، معروفة عند علماء العصور الوسطى المنتشرين في بقاع مختلفة من أوربا، وكان أهل القرن الثالث عشر يعرفون أكابر الفلاسفة الوثنيين. ولكن ذلك القرن قد غفل أو كاد عن الشعر اليوناني، وكانت طائفة كبيرة من الكتب القديمة القيمة التي نجلها الآن مهملة في مكتبات الأديرة أو الكنائس الكبرى. وكانت هذه الأركان المنسية أكثر الأماكن التي عثر فيها بترارك ومن جاءوا بعده على الكتب القديمة «المفقودة»، التي يسميها «السجينة الظريفة الأسيرة في أيدي السجانين «الهمج». وارتاع