وحاولت أثينة للمرة الأخيرة أن تؤلف هذه الوحدة. واستطاعت بفضل أسوارها الطويلة، وأساطيلها التي جددت بناءها، وماليتها الثابتة الموثوق بها، وما تيسر لها من زمن بعيد من الوسائل المالية والتجارية، استطاعت بفضل هذا كله أن تستعيد ما كان لها من سيادة تجارية في بحر إيجة. وكانت الدول التي خضعت لها من قبل والدول المتحالفة معها قد علمتها الحروبُ التي دامت خمسين عاماً كاملة إنها في مسيس الحاجة إلى سلامة أعظم مما تهيئه لها السيادة الفردية، ولهذا اتحدت معظم هذه الدول مرة أخرى في عام ٣٧٨ بزعامة أثينة، ولم يحل عام ٣٧٠ حتى كانت هذه المدينة مرة أخرى أقوى الدول سلطاناً في شرق البحر الأبيض المتوسط.
وكانت الصناعة والتجارة هما وقتئذ عماد حياتها الاقتصادية. ذلك أن أرض أتكا لم تكن في يوم من الأيام مما يوائم الزراعة الجماعية. نعم إن العمل الشاق الطويل قد جعلها أرضاً مثمرة بفضل عناية الأهلين بأشجار التوت وبالكروم؛ ولكن الإسبارطيين كانوا قد دمروا هذه الغروس، وقلما كان من المزارعين من يستطيع الصبر نصف جيل حتى تثمر بساتين الزيتون الجديدة ثمارها. وكان معظم الزراع الذين عاشوا قبل الحروب قد قضوا نحبهم، وكان معظم من بقي من الزُراع قد دب اليأس في نفوسهم فمنعهم أن يعودوا إلى أملاكهم المخربة فباعوها بأبخس الأثمان لملاك يستغلونها وهم بعيدون عنها، وفي وسعهم أن يستثمروا أموالهم فيها استثماراً طويل الأجل. وبهذه الطريقة، وبانتزاع ملكية الأراضي الزراعية المثقلة بالدين، انتقلت هذه الأراضي في أتكا إلى أيدي عدد قليل من الأسر كانت