اجتاز تاريخ التصوير اليوناني خمس مراحل، ففي القرن السادس كان معظمه يهدف إلى تزيين الخزف وبخاصة المزهريات، وفي القرن الخامس كان أهم ما يعنى به العمارة وبخاصة طلاء المباني العامة والتماثيل بالألوان المختلفة، وفي القرن الرابع كان يحوم حول المنازل والأفراد فيزين المساكن ويرسم الصور، وفي العصر الذي اصطبغت فيه البلاد الخارجية بالصبغة اليونانية كان معظمه فردياً يخرج صوراً تباع لمن يرغب فيها من الأفراد. وقد بدأ فن التصوير اليوناني حين تفرع من الرسم العادي وبقي إلى آخر مراحله رسماً وتخطيطاً في أساسه وجوهره، وقد استخدم في تطوره ثلاث طرق: طريقة المظلمات أو التصوير على الجص الطري، وطريقة الطلاء المائي أو التصوير على الأقمشة أو الألواح المبللة بألوان ممزوجة بزلال البيض، وطريقة تثبيت الرسوم بالحرارة وذلك بمزج الألوان بالشمع المذاب، وكانت هذه الطريقة الأخيرة أقرب ما وصل إليه الأقدمون إلى طريقة التصوير بالزيت. ويؤكد لنا بلني - وهو الذي لا يقل أحياناً عن هيرودوت رغبة في تصديق كل ما يسمع - أن فن التصوير قد تقدم في القرن الثامن تقدماً جعل كندولس Candaules ملك ليديه يبتاع صورة من صنع بولاركس Bularchus بمثل وزنها ذهباً (٩). لكن بداية كل الأشياء غامضة. وفي وسعنا أن ندرك ما كان لهذا الفن من الشهرة في بلاد اليونان إذا علمنا أن بلني قد خصه من صفحاته بأكثر مما خص به النحت. ويبدو أن الرسوم الجيدة التي أنتجها عصر اليونان الذهبي كانت موضع النقاش من النقاد وموضع