وفي ٥ مايو ١٧٩٤ استدعوا للمثول أمام محكمة الثورة. وبرئ ثمانية منهم، وحكم على أربعة وعشرين بالإعدام، ومنهم لافوازييه. فلما طلب إلى القاضي الذي رأس المحكمة أن يخفف الحكم على أساس أن لافوازييه وبعض الآخرين علماء ذوو قيمة للدولة، كان رده فيما روى "ليس بالجمهورية حاجة إلى علماء" ولكن الرواية لا تستند إلى دليل مقنع (٥٠). وأعدم لافوازييه بالجيلوتين في اليوم الذي صدر فيه الحكم، ٨ مايو ١٧٩٤، في المكان الذي يقوم فيه اليوم ميدان الكونكورد. ويقال أن لاجرانج علق على إعدامه بهذه العبارة "إن قطع رأسه لم يستغرق أكثر من لحظة، وقد لا تكفي مائة عام لنوهب رأساً نظيره"(٥١).
وصودرت كل أموال لافوازييه وأرملته لتساعد في الوفاء للجمهورية بمبلغ ١٣٠ مليوناً من الجنيهات ادعى أن الملتزمين العموميين مدينون به للدولة. أما مدام لافوازييه، المملقة، فقد عالها خادم قديم للأسرة. وفي ١٧٩٥ استنكرت الحكومة الفرنسية إدانة لافوازييه، وردت إلى أرملته ثروتها، وقد عمرت حتى عام ١٨٣٦. وفي أكتوبر ١٧٩٥ أقامت ليسيه الآداب والفنون جنازاً لذكرى لافوازييه، وألقى فيه لاجرانج تأبيناً. وأزيح الستار عن تمثال نصفي يحمل هذه العبارة: "إن ضحية الطغيان، وصديق الآداب والفنون المبجل، لم يمت، ولم يزل يخدم الإنسانية بعبقريته (٥٢).
[٥ - الفلك]
أ - مقدمة في الأدوات الفلكية
إلى أي حد أثارت كشوف الرياضة والفيزياء والكيمياء قبة السماء؟ إن أجرأ ما اقتحم العلم من مغامرات محاولته أن يقذف بأدوات قياسية حول النجوم ويتجسس بالليل على أولئك الحسان المتألقات في كبد السماء، ويحلل مكوناتهن عبر بليون من الأميال، ويحدد حركاتهن بمنطق البشر وقوانينهم. إن العقل والسماوات هما قطبا دهشتنا ودراستنا، والعجب العجاب أن يشرع العقل القوانين للقبة الزرقاء.
كانت الأدوات المقربة للأبعاد قد اخترعت، والاكتشافات الكبرى قد تمت؛ فاضطلع القرن الثامن عشر بتحسين هذه الأدوات (جراهام، وهادلي، ودولاند)، وبالتوسع في تلك الكشوف (برادلي وهرشل)